
الكاتبة وداد بخيت الجهني
نفوسنا متلهفة،و أفئدتنا ممتلئة بالشوق، والحنين لقدوم نسمات هذه الأيام العظيمة، استبشارًا ببشارة الرسول صل الله عليه وسلم: أتاكم رمَضانُ شهرُ ُُمُباركُ فرض الله عزَّ وجلَّ عليكم صيامه، تُفتحُ فيه أبواب الجنة، وتُغلقُ فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه مردةُ الشَّياطين، لِله فيهِ ليلةُ خيرُ من ألفَ شهرٍ من حُرم خيرها فقد حُرِمَ رواه أحمد، شهر ليس كبقية الشهور، ترتقبه النفوس كل عام وتبتهج به،وتعيش فيه الأرواح أجواء إيمانيةمُفعمة بالبركات، والرحمات، ، التي تجبر كسرنا، وتعوض مافرطنا من عامنا من أجور لإنشغالنا بالدنيا، وتُعيد لنا الأمل بالرحمة، والمغفرة. وتُضيئ قلوبنا بالسكينة.
شهر رمضان هو الشهر التاسع من شهور السنة الهجرية، و أعظمها قدرًا ؛ وفيه تُؤدى فريضة الصيام رابع أركان الإسلام، يمتنع المسلمون في أيامه عن تناول الطعام، والشراب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع تجنب المحظورات التي تُبطله. فصيامه فرض على كل مسلم بالغ، عاقل، وهو الشهر الذي أُنزل فيه القرآن على الرسول صل الله عليه وسلم. قال تعالى : شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان سورة البقرة، فقد ميزه الله من بين الشهور واختاره من بينهن الإنزال القرآن العظيم، وكان صل الله عليه وسلم يتدارسه مع جبريل – عليه السلام – في هذه الليالي المباركة، كما يُطلق عليه شهر القيام؛ لأن هذه العبادة تكثر فيه، حيث يحرص المسلمون على قيام كل لليلة؛ وذلك رجاء كسب الأجر العظيم، والعتق من النيران وذلك في كل لليلة من لياليه المباركة.
وفي الصيام حكم عظيمة، وفوائد كثيرة،فهو بئر الرحمات المتدفق،والينبوع الزاخر بالفضائل، ومدرسة التقوى والتربية الإيمانية، فيه تنضبط السلوكيات، ويرقى الوجدان، ويُصحح المسار، فهو رياضة روحية يكبح جماح النفس ويعودها على السماحة، وتحمل المشاق، والصبر على المكاره ، ويُهيئها على الثبات، والمواظبة على الأعمال الصالحة سائر أيام السنة، ويزكّيها من الأخلاق السيئة،ويُساعدها على الإلتزام بالأخلاق الكريمة، فهو سبيل من سبل الجنة وباب من أبوابها،، ودرعًا واقيًا من النار، تُسلسل وتُكبَّل فيه الشياطين، فتكثر الطاعات، وتقل المعاصي، و تُكفر الذنوب، وتُضاعف الحسنات كمًا، وكيفًا، وتُستجاب الدعوات،وفيه يُعيد المسلم هندسة علاقاته؛ فتتسع القلوب لبعضها البعض، فتزداد الروابط، ويقوى التآلف، و التكافل،والتراحم، والإحسان، والمحبة بين المجتمعات الأسرية الصغيرة، والكبيرة على حد السواء،فُتعد الموائد الرمضانية حسبة لله،الإفطار الصائمين، و تجتمع الأسرة على مائدة واحدة،اجتماع يتخلله إحساس بالروحانية، و الدفء، والحب، وكل الإحاسيس الجميلة، موسم عظيم مليئ بالخيرات، محملاً بالعطايا،و مكللاً بالهبات الربانية.
يستطيع المسلم التقرب إلى الله تعالى فيه بجميع العبادات،كالصوم، والصلاةفي وقتها، وصلاة التراويح، وختم القرآن الكريم، والصدقة، والاستغفار، وإطعام المساكين،و تفطير الصائمين، وصلة الرحم، وقيام الليل، ومساعدة الأهل، والتطوع، والإكثار من الدعاء، والذكر، والاعتكاف في العشر الأواخر ، َوالزكاة، وأداء العمرة وإحياء ليلة القدر التي تعتبر من أعظم جوائز رمضان العظام؛ ليلة البركة التي تنزل فيها القرآن الكريم، والرحمة، والسلام؛ يُضاعف فيها أجر العمل الصالح أضعافًا كثيرة، ويتواصل فيها أهل السماء من الملائكة وأهل الأرض من القائمين العابدين، قال تعالى: تنزّلُ الملائكة والرّوحُ فيها سورة القدر
ومن فضائلها من قامها إيمانًا، واحتسابًا غُفر له ماتقدم من ذنبه قال الرسول صل الله عليه وسلم: من قام لليلة القدر إيمانًا، واحتسابًا غُفرله ماتقدم من ذنبه رواه البخاري.
فلتكن أيامه القادمة بداية جديدة، و نفحات إيمانية تجعلنا نعيش كل لحظة من لحظاته بأجمل مافيها من روحانية، وخير، و بركة.