الكاتب / د . محمد بن أحمد المرواني
المقال :
بحثت عن الشوق فلم أجده .
نعم لم أجد معنى حقيقي للشوق في أي لغة في الأدب العالمي ، و كان جل ما وجدت إنه يكاد ينحصر تعريفة في الحنين إلى المحبوب و الرغبة في رؤيته او مجرد شهوة جسدية.
فتاملت الشوق الذي اعرفه و تأملت ما قيل عن الشوق فوجدت أن الشوق غير معرف.
إذا ما هو الشوق ؟
قبل الإجابة على هذا السؤال يجب أن نعلم ما هي رحم الشوق التي خلق فيها ؟
مما لا شك فيه إنها الحب.
والحب هو حالة تلبس الجسد و الروح المحيطة بالجسد و المتغلغلة فيه و هو كالدم الذي يسري في جميع أعضاء و أجزاء الجسد موجود دائما و مستمر في العطاء و أن لم نلحظ وجوده في كل لحظة الا انه دافعنا و محركنا في الحياة
عندما نتحدث عن الحب، فإننا نتحدث عن أسمى درجات المشاعر الإنسانية، ذلك الإحساس الفريد الذي يُمكِّن الروح من الطيران بين عوالم الجمال والسعادة. الحب هو الشعور الذي يربط علاقتنا بالآخر من خلال العاطفة والقلب.
و قد سبق أن عرفنا الحب في مقال الحبيب الاول، لكن، ماذا عن الشوق؟ هذا النبض العارم الذي يجعلنا نتوق ونبحث عن شخص ما دون أن نعرف السبب؟
الحب والشوق هما وجهان لعملة واحدة، لكن الشوق هو الجانب الذي يدفعنا نحو اللقاء، نحو الاكتمال. إذا كان الحب هو البحر الذي يربط بين جزر قلوبنا، فإن الشوق هو الرياح التي تدفعنا لعبور ذلك البحر مرارًا وتكرارًا.
ما هو الشوق؟
الحب متلبس الجسد و الروح كما الدم يعمل و يجول في داخلنا و قد لا نحس بوجوده كما اسلفت لولا وجود الشوق، فالشوق اولا هو دليل الحب
الشوق ليس مجرد إحساس عابر؛ إنه لحظة تيه في عالم الزمان اللا متناهي، بحثًا عن شخصٍ ما، دون سبب أو تفسير منطقي، إنه فقدان عميق وحاجة لحضيّة لذلك الشخص الذي يسكن أعماق القلب. الشوق لا يقل أهمية عن الحب، بل هو المحرّك الخفي الذي يعيد تشكيل علاقتنا بالآخر و يحرك و يشعل نار الحب و يزيدها اتقادا.
الشوق: دافع اللقاء
إذا كان الحب هو الحلم الجميل الذي يرافقنا، فإن الشوق هو الدافع الذي يجعلنا نطارد ذلك الحلم. إنه طوفان من الإحساس الآني اللحظي، يدمر كل شيء أمامه، هدفه الوصول إلى ذلك الشخص الذي يسكن أعماقنا. الشوق قوة خلاقة تتحدى الخوف والمسؤوليات والظروف، بحثًا عن اللقاء.
الشوق هو اللحظة التي يتوقف فيها الزمان والمكان، حيث يصبح كل شيء تافهًا أمام حضور الحبيب أو حتى مجرد التفكير به.
الشوق: بين القلب والعقل
الشوق إحساس طاغٍ يخرج من نواة الحب أو الرغبة. إنه الشعور الذي يمحو كل شيء في عقولنا ووجداننا وتفكيرنا، ليقف وحيدًا في فراغ الزمان والمكان، يسأل: “أين الحبيب؟”. إنه قطع كلي للحواس الخمس، إسكات لكل الأصوات، ليصبح البحث عن المحبوب هو الغاية الوحيدة.
الشوق هو القوة التي تجعلنا نتحدى الخوف، الجوع، القهر، وكل الظروف. إنه المارد القوي الذي يهيمن على كل شيء عندما يحضر، ولو لجزء من الثانية.
الشوق هو الانفجار الذري العظيم الذي يذيب كل شيء في العقل و الروح في لحظة صمت و لا يبقى الا هو
الشوق هو ذلك السيد الذي إذا حضر صمت الجميع ، فلا يسمع الا صوته و قوله
الشوق: مغناطيس الروح
الشوق كالمغناطيس الذي يسحبنا نحو الشخص الذي نشتاق إليه. إنه اللحظة التي نفقد فيها السيطرة على أفكارنا، حيث يسيطر ذلك الشخص على كل مشاعرنا و احاسيسنا.
عندما نشعر بالشوق، نعيش حالة من الانجذاب الذي لا يمكن تفسيره.
الشوق: أقوى من كل شيء
الشوق أقوى من الخوف، الجوع، المال، القهر، وحتى الضغط. إنه الشعور الذي يجعلنا نبحث عن الشخص الذي نحبه، رغم كل الظروف. إنه شعور يدمّر كل الحواجز، ويجعل من المستحيل ممكنًا.
الشوق : المزيج بين الألم و السعادة
الشوق هو الصارخ الصداح المكون من مزيج غريب من الألم و السعادة الذي ينادي بالحبيب و يذكرنا بوجوده و يطلب الوصال معه رغما عن أي شيء.
الشوق ليس مجرد عاطفة؛ إنه جوهر العاطفة و محركها. إنه ذلك الشعور الذي يجعلنا نتمسك بالأمل في اللقاء، ونستمر في الحب رغم البُعد. الشوق هو الذي يُعطي للحب معناه الحقيقي.
الشوق هو دليل الحب كما اسلفت فبدون الحب لا يوجد الشوق و بدون الشوق يشك في وجود الحب اصلا.
و الشوق هو الصوت الذي يصيح من أعماق الروح ليصرخ بصوت الحب قائلا اني هنا
خاتمة
الشوق هو ما يجعلنا محبين إنه الشعور الذي يربطنا بالآخر، ويجعل حياتنا مليئة بالمعنى. الحب بدون شوق هو حب بلا حياة، والشوق بدون حب هو تيهٌ في الشهوات ، فلنحتفِ بالشوق، الذي يجعل لحظات الحب أكثر إشراقًا.
أما ماهية الشوق في
إنه انفجار عظيم مكون من الألم و السعادة يحدث بدون اي سبب منطقي في لحظة ما في اللا وعي ذو قوة طاغية و مسيطرة تحدث في أعماق النفس منبعها خلاصة الحب يدمر و يسكت و يمسح كل شيء في النفس أو العقل لمدة محدودة جدا من الزمن بحيث لا يبقى الا شيء واحد في الوجدان و هو الحبيب مهما كانت الظروف المحيطة بنا ، وهو بلا شك دليل الحب .
و لكن يجب أن نقر في آخر كلمة أن الشوق كما هو معروف يكون لشخص معين فهو ايضا يكون لوطن أو منزل أو إله.