
بقلم: د. عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان
حين تُذكر عبارة “الصديق الصالح”، تنبعث في الذهن صورة لإنسان نقيّ، وفيّ، يُعينك على الخير، ويشدّ أزرك في الشدائد. لكن، هل خطر ببالك يومًا أن الصديق الصالح قد يكون حضورًا صامتًا يَصنعُ منك إنسانًا أفضل؟
تأمّل في تفاصيل علاقاتك…
كم مرّة اختبرت قوّةً خفيّةً تُذكّرك بفضائل الصبر والحكمة؟
كم مرّة التقطت من صمتٍ بصيرةً تُصلِحُ نواياك، وتُهذّبُ أخلاقك؟
إن أعظم الصحبة هي التي تَمنحُك نُبلَ الروح دون كلام، وتَغرسُ فيك محاسنَ الخُلُقِ دون ادّعاء.
الصديق الصالح ليس مجرد مَن يُشاركك الحديث،
بل هو مَن يُضيءُ قلبك باليقين،
ويُربّي فيك مكارمَ الأخلاق،
حتى وإن لم يُعلن عن نفسه بصوتٍ عالٍ.
تلك اللحظات التي تختلي فيها بذاتك،
قد تَكشفُ أن أعمق الصداقات هي التي تُنمّي فيك الرحمةَ والصدق،
وتُحيي ضميرَكَ الحيَّ،
كأنها مِرساةٌ تُثبّتُك في خِضَمّ الحياة.
إننا بحاجة إلى أن نُعيد تعريف الصداقة:
لا بكمِّ الكلمات، ولا بزخرف العبارات،
بل بِقُدرتها على صياغةِ إنسانيتك،
وغَرسِ السَّماحةِ في قلبك،
وتَحويلِ صمتِها إلى مدرسةٍ تُعلّمك مَعاني الوفاء.
فاحرص على صحبة الصديق الصالح…
ذاك الذي يَمنحُك من طهره قلادةً تُزيّنُ أخلاقك،
ويَصنعُ من صمتهِ مرآةً تُظهرُ أجملَ ما فيك،
حتى لو لم تسمع له صوتًا،
فقد يَتركُ فيكَ أثرًا لا يُمحى:
حُسنُ خُلُقٍ يَرفعُك،
وإيمَانٌ يُربّيك،
وَسكينةٌ تَحميك.