بقلم/ بشائر الحمراني
العصا البيضاء ليست مجرد أداة، بل هي رفيق الروح في رحلة الصمت والظلام. هي البصر الذي يراهم حين تعجز العيون، وهي الثقة التي تدفعهم للخطو بثبات حين تتعثر الأرجل في طرقات الحياة. تُخبرهم أن النور ليس مرئياً دائماً، لكنه شعورٌ ينبع من الداخل، يهديهم إلى طريقهم حتى وإن غابت الشمس.
تلك العصا هي رمز الشجاعة، رمز الكرامة التي لا تنكسر أمام تحديات الحياة. كل ضربة لها على الأرض ليست مجرد صوت، بل هي إعلان لحريتهم، لإصرارهم على العيش بشموخٍ لا يهزم.
العصا البيضاء تتحدث بلغة لا يفهمها سوى من يحملها، تخبرهم أن العالم قد يكون غامضًا، لكنه ليس مستحيلًا. إنها أداة تُعيد لهم الإحساس بالمكان والزمان، تزرع في قلوبهم اليقين بأنهم قادرون على رسم خطواتهم حتى وإن غابت معالم الطريق.
كل حركة للعصا هي نبضٌ من الإصرار، وكل خطوة يقودها صداها هي تحدٍ للظروف، للقيود، وللظلام. إنها ليست مجرد عصا، بل هي نبراس ينير لهم دروب الحياة، تُذكّرهم بأن النور الحقيقي لا يحتاج إلى عيونٍ تراه، بل إلى قلوب تؤمن به وتسير به رغم كل شيء.
العصا البيضاء هي امتداد للإرادة، تترجم الصمت إلى حركة، والخوف إلى أمان. تحمل في طياتها قصص كفاح لا تُحكى بالكلمات، بل تُحسّ بالأصوات المترددة تحتها، بالطرقات التي تمر فوقها، وبالقلوب التي تسير بجانبها. هي اليد التي لا تخذل صاحبها، والصديق الذي لا يتخلى عنه في أصعب الأوقات.
كلما ارتفعت العصا البيضاء أمام العقبات، وكلما ضربت الأرض بحزم، فإنها تقول للعالم: “أنا هنا، وأنا أقوى مما تظنون”. إنها أكثر من مجرد أداة مساعدة؛ إنها رمز للصمود، للتحدي، وللإيمان بأن البصر قد يكون نعمة، لكن البصيرة هي القوة الحقيقية التي تفتح لنا أبواب الحياة.
فأنا اليوم أحتفل بكل صديق يحمل تلك الأداة بين يديه، بكل شخص قرر أن يجعل من العصا البيضاء أجنحةً تحمله نحو الحرية. أحتفل بالشجاعة التي تفيض من كل خطوة، وبالإرادة التي لا تكلّ ولا تملّ. أحتفل بتلك القلوب التي ترفض الانكسار، والتي ترى النور بعين البصيرة لا البصر.
في كل يوم يرفعون عصاهم البيضاء، هم يعلنون أن الحياة لا تُقاس بما نرى، بل بما نشعر ونؤمن به. يحتفلون بالصمود في وجه كل عقبة، وبالإيمان بأن الحياة مليئة بالتحديات، لكنهم قادرون على تجاوزها بعزمهم وإرادتهم.
في هذا اليوم، أحتفل بكم جميعًا، أنتم الأبطال الذين جعلتم من العصا البيضاء رمزًا للشموخ، للطموح، وللحياة التي تُعاش بأمل ورؤية، حتى وإن كانت في قلب الظلام.