بقلم بشائر الحمراني
في البارحة، كان للفرح وجهٌ مختلف، وجه أضاءته أختي بحضورها وهي تعقد يدها بيد زوجها عبد الله. تلألأت القلوب كما يتلألأ اللجين تحت ضوء القمر، وكأن الكون كله يحتفي برحلة حب جديدة تُنسج خيوطها بينهما.
اختفيتُ، لكن اختفاءً تملؤه الطمأنينة. كنتُ أراقب من بعيد، أترك للمشهد أن يكتمل بدون صوتي، لأن الفرح كان يكفي وحده ليملأ المكان. رأيت في عيني أختي مزيجًا من الحلم والامتنان، وفي خطوات عبد الله وعدًا بالثبات والاحتواء.
كانت ليلة تتحدث بلغة الصدق، لغة النقاء الذي لا يعرف الزيف، حيث الحب يظهر في كل تفصيلة، في ضحكة صافية، وفي دعوة تُرفع من القلب.
وفي وسط كل هذا الفرح، شعرتُ بحضورك يا أبي. وجودك لم يكن غائبًا أبدًا، بل كان يتجلى في كل لحظة، وكأنك تخبرنا أنك ما زلت هنا، تبارك خطوات أختي، وتحيطها بدعواتك التي لم تنقطع. كنتَ في دعاء أمي، وفي نظراتنا التي حملت الشوق إليك، وفي السكينة التي ملأت القلوب.
رأيتك يا أبي في كل شيء، في بريق عيني أختي، وفي دفء الفرح الذي غمرنا. كأنك كنت تخبرنا أن الحب الذي زرعته فينا لا يزال يزهر، وأن غيابك لم يكن سوى حضور مختلف، حضور يملأنا بالقوة والحنين.
البارحة كانت ليلتك كما كانت ليلتنا، ليلة جمعت بين فرحتنا بأختي ودعواتنا لك. رحمك الله يا أبي، وأسكنك الفردوس الأعلى. كنت وما زلتَ النور الذي يضيء حياتنا، وذكراك هي الجسر الذي يعبر بنا فوق كل غياب.
شكراً لك يا أبي لأنك الحاضر في أرواحنا، والملهم في خطواتنا. كل فرح نعيشه يحمل دعاءً يصل إليك، وسلامًا يملأ روحك، وبركة تمتد من حبك الذي لا يزال يعانقنا.