كتب : خالد بن محمد الفريجي
كاتب سعودي ومستشار أسري
بورصة الديات مقلقة وميدان خصب لتأجيج العصبية القبلية واستعراض الملاءة المالية للبعض.
وما يُدفع في تلك المهرجانات كفيل بأن يفتح مئات البيوت ويستر أسر ويحفظ كرامة الكثيرين.
تحول السباق المحموم في تقدير الديات إلى أعلى مستويات المبالغة دون القدرة على ضبط هذا المزاد الذي يتحكم به فقط أصحاب الدم والسماسرة والمنتفعين ممن يتكسبون من هذه الحالة التي لم تفلح كل الجهود في كبحها بسبب بسيط نقدر نلخصها بعبارة ( تبون تدفعون وألا القصاص ) والتي تجعل من أهل الجاني يرضخون ويدخلون في نفق المزايدات رغبة في إعتاق رقبة ابنهم .
من المؤسف تحول هذه الحالة إلى مجال خصب في التفاخر بأمجاد القبيلة وتكاتفها وتعاضدها في تأمين هذه الدية المبالغ فيها وكأنهم قد افتدوا ابن القبيلة بسبب أعماله النبيلة متجاهلين أنه قد أزهق نفسا ويتم أسره وشتت شمل.
وبغض النظر عن ملابسات كل قضية وتفاصيلها وبعيدا عن كلمة ( قل الله لا يبلانا ) ان كل هذا الاستنفار لو كان ربعه فقط أتى لمساعدة تلك الاسر المحتاجة والتي لا تستطيع ان تلبي احتياجاتها اليومية الهامة ربما كان ذلك يشعرنا ببعض التفهم لهذا الهيجان القبلي من أجل إعتاق رقبة قاتل القبيلة .
وهؤلاء المستنفعون ممن فقدوا بريق الأضواء وجدوا ضالتهم في تلك الاجتماعات التي تقام هنا وهناك من أجل إحراج أبناء القبيلة لدفع المقرر المالي بتكوين قروبات واتس اب تسبب حرج كبير للذي ليس لديه قدرة مالية أو غير متعاطف مع مثل هذه الحالات .
نشر قوائم المتبرعين مؤذي ويصور الممتنعين أيا كان سبب ذلك الامتناع بشكل غير جيد أمام بقية أبناء القبيلة .
أتمنى تجريم مثل هذه الممارسات وأن لايكون ذلك مدعاة للأجواء القبلية من خلال القصائد والشيلات والمواكب وغيرها من الاحتفالات التي تظهر السعادة العارمة بعتق رقبة القاتل دون الالتفات لمشاعر وخواطر أصحاب الدم .
نحن في زمن رؤية 2030 ومازال هناك من يرغب في إعادتنا للخلف بمثل هذه الممارسات .
ونثمن الخطوة المميزة لوزارة الداخلية التي وضعت حساب موحد تحت إشراف إمارات المناطق ودور ذلك في كبح الممارسات غير القانونية في مثل هذه الحالات وإغلاق الحساب بمجرد تحقيقه الرقم المالي المطلوب بعكس ماكان سابقا إذ أن المبالغ المتبرع بها قد تصل إلى أضعاف المبلغ المطلوب وهذا سبب حالات فساد مالي فيما مضى .