مقالات وشعر

بين دمع الوداع وتكبير الفرح… نكتب آخر سطور رمضان

 

فايزة حامد الثبيتي _ جدة

مع نهاية رمضان، يلوح في الأفق طيف الفقد الجميل.

ها نحن نودّع شهر رمضان المبارك، نطوي آخر صفحة من كتابٍ نزل على قلوبنا بردًا وسلامًا.

نطفئ فانوس المساء، ونغلق أبواب التراويح، ونودّع ليالي امتدت بنا نحو السماء، حيث كان الدعاء أقرب، والبكاء أصدق، والسكينة أعمق من كل ضجيج.

رمضان، يا زائر الروح، يا من لا يشبهك أحد…

جئتنا فغسلت أرواحنا من غبار العام، وجعلت لقلوبنا طعماً آخر، مختلفًا، مشبعًا بالإيمان.

علّمتنا أن للجوع معنى، وللصبر حكمة، وللخلوة بالله متعة لا تُوصف.

لكن ها أنت تلوّح لنا بالرحيل،

تغادر بهدوء كما جئت، كأنك لا تريد أن توقظ فينا لوعة الوداع، لكننا نشعر بها في تفاصيل الحياة:

في دموع أمٍّ ركعت في وترٍ خاشع،

في سجادة طفلٍ حفظ سورة جديدة،

في قلبٍ أحبّ السحَر وخشي أن يفوته بعدك.

وداع رمضان مؤلم، لأنه ليس كأي وداع.

هو وداع لروحانية طاغية، لصفحات جديدة كتبناها مع الله، ولشهر علّقنا فيه كل الآمال.

إنك، يا رمضان، تترك فراغًا لا يُملأ…

كأنك تأخذ معك قطعة من أرواحنا، وتتركنا ننتظر عودتك مثل انتظار طفلٍ صغير لفرحة العيد.

لكن في ختام هذا الوداع، ينسلّ إلينا نور جديد…

إنه العيد، عيد الفطر المبارك.

العيد لا يُنكر دمع الفقد، بل يُربّت على أكتافنا بلطف.

يأتي بثوبٍ جديد، بعطر القهوة، بضحكات الأطفال، وبلقاءات الأهل.

العيد ليس نهاية رمضان، بل امتداده، مكافأته، تتويجه.

هو الفرح بعد التعب، والبسمة بعد الدموع،

هو فرحُ من عبروا صحراء النفس وخرجوا إلى واحات الطمأنينة.

وهكذا نحن…

نكتب آخر سطور رمضان في قلوبنا،

ونفتح نوافذ الفرح لاستقبال عيد الفطر،

نرتّب مشاعرنا بين دمعة فراق، وابتسامة لقاء،

بين “اللهم بلغنا رمضان القادم” و”عيدكم مبارك”.

فنحن قوم لا نودّع النور، بل نحمله في قلوبنا… حتى يشرق من جديد.

سلمى حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى