مقالات وشعر

تأملات إيمان (“الذكريات… حياة أخرى نعيشها بصمت”)

 

أ. ايمان المغربي…

الذكريات جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان؛ صندوق صغير نعود إليه بين الحين والآخر، نبعثر ما فيه من تفاصيل، نلتقط لحظة جميلة لنبتسم في وقت نحتاج فيه إلى الدفء، أو نستحضر عبرة من موقف مضى، ليس لنسترجع الألم، فالألم لا يُنسى مهما صغر، بل لنمنع تكراره.

الإنسان محطات، ولكل محطة حكاية. نحن قصص قصيرة، أو ربما ملحمة من المشاعر المتباينة، نرويها لأنفسنا كلما اشتدت بنا الحاجة، أو استوقفتنا لحظة مشابهة. أحياناً، تستحضرنا الذكريات بكل تفاصيلها، كأنها حدثت للتو، وأحياناً أخرى تمر كطيف عابر، يعانق ذاكرتنا بسرعة ثم يتلاشى.

لبعض الأشخاص، الذكريات دروس، توقظ الوعي، وتحفّز على اتخاذ القرار: هل نعيد التجربة؟ أم نغلق الصفحة ونمضي؟ في نهاية الأمر، الذكريات حياة ثانية؛ بحلوها ومرّها، هي لحظات صنعتنا، بعضها شكّل ملامح شخصيتنا، وبعضها كسرنا لننهض من جديد، وأخرى كانت دافعاً لنتغيّر نحو الأفضل.

لكن الذكريات تتوقف عند طبيعة الإنسان نفسه. فهناك من يعيش أسيراً لها، لا يقدر على التحرر من قيودها، وهؤلاء – حذارِ أن تكون منهم – يُنهكهم البكاء على الأطلال. لأن البكاء والوقوف طويلاً أمام الماضي سلاح ذو حدين؛ فإما أن يُنهكك، أو يدفعك للأمام.

الذكريات ليست عبئاً نحمله، بل شعلة نُضيء بها طريقنا. فلنحتفظ بها داخلنا، نسترجع الجميل منها لنرتقي، ونستحضر الحزين لنتعلّم، ثم نمضي، فالحياة لا تنتظر أحداً، وعجلتها لا تتوقف.

سلمى حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى