
بقلم: إبراهيم النعمي
في مجتمعاتنا، تبرز ظاهرة مقلقة باتت تتكرّر في شتى جوانب الحياة، وهي تناقض الأقوال مع الأفعال هذا التناقض لا يقتصر على الأفراد العاديين، بل نجده عند من يُفترض أن يكونوا قدوة ومصدر توجيه وإلهام.
فكيف ننتظر من الأبناء أن يتحلوا بالصدق، وهم يشاهدون آباءهم يكذبون دون خجل؟
وكيف نغرس فيهم حبّ صلة الرحم، في الوقت الذي يرون فيه أقرب الناس إليهم يقطعون أرحامهم؟
كيف يثق الناس في كلمات إمام المسجد، وهو يحذرهم من الغيبة والنميمة، ثم يشارك فيها في المجالس العامة والخاصة؟
وأين مصداقية المعلم، حين يُلقي الخطب في أهمية الجد والاجتهاد، بينما سلوكه يناقض ما يدرّسه؟
وكيف نصدق الجندي الذي يُقسم على حماية الوطن، ثم يتهاون مع من يعبث بأمنه واستقراره؟
وأيّ عدالة في تاجر يُضاعف الأسعار طمعًا في الربح، غير آبه بمعاناة الناس ولا بالضمير المهني؟
إن هذه التناقضات تُضعف الثقة، وتشوّه القيم، وتربّي الأجيال الجديدة على الازدواجية. فنحن حين نقول ما لا نفعل، نُسهم في نشر النفاق الأخلاقي، ونُحبط كل محاولات الإصلاح والتربية.
فالمجتمع لا يُبنى بالشعارات، بل بالأفعال الصادقة.
وإذا أردنا جيلًا نقيًا مستقيمًا، فعلينا أن نكون أول الملتزمين بما نُعلّمه وننصح به. فالقُدوة الصالحة أبلغ من ألف خطبة، وأعمق أثرًا من كل الكتب والمواعظ.