
تهاني العطيفي
من أصعب المواقف التي يمر بها الرجل في حياته أن يفقد المرأة التي كان يتمنى أن يكمل معها مشوار حياته ويخطط برفقتها لمستقبله، ولكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن أحيانا وتقلب موازين الحياة رأسا على عقب.
أصعب شعور يعانيه الرجل أن يفترق مع نصفه الآخر، شريكة الحياة ورفيقة الدرب إلى النهاية، من يرى فيها الحاضر والمستقبل، ويشعر معها بالسعادة الأبدية والأمل الذي لا ينتهي.
من الصعب أن يفقد الرجل حياته كلها في لحظة واحدة.
يتعب الرجل كثيرا ويعاني أقسى الآلام بمجرد أن يخسر المرأة التي أظهرت له الإخلاص وقاسمته الحزن قبل الفرح، من كانت له بمثابه مسكن للألم، تسانده وقت الشدة وتخفف عنه أعباء الحياة.
يخسر الرجل امرأة حياته فيتحول إلى جسد بلا روح يمضي تائها شاردا لا يعرف الأمل إلى قلبه طريقا، يخفي صمته ضجيجا من الأحاديث الخفية التي تعود به دائما إلى نقطة البداية والحنين للماضي والذكريات السعيدة.
يقف مع نفسه أحيانا ويسأل باستمرار: هل يمكن أن أجد البديل؟ هل تراني سألتقي يوما بمن تعوضني وحشة الأيام؟ هل يمكن أن أعيش إحساس السعادة وطعم الراحة من جديد؟.
يحاول كل مرة أن ينهض ويبدأ من جديد لكنه لا يعرف كيف يبدأ ومن أين؟ لقد أصبح أسيرا للذكريات، تمر على مخيلته لحظات من الماضي فيظهر استسلامه ولا يقوى على الاستمرار فيرفع شعار الفشل بدون تردد.
يحس في قرارة نفسه أنه لم يعد هناك شيء في الوجود يستحق أن يحيا لأجله، حتى ابتسامته التي كانت لا تغادر محياه، اختفت منذ ذلك الحين ولم تظهر من جديد.
لم يعد يعرف طعما للراحة ولا معنى للذة ولا سببا للوجود أصلا… لم يعد يحمل بين جنبيه ذلك الطموح المتأجج، بل أصبح تائها في هذه الحياة يتخبط في اليأس والإحباط يتمنى كل يوم أن يضع حدا لمعاناته التي أبت أن تنتهي ويتعثر كلما حاول النهوض ليسقط من جديد… ولا يعرف ماذا يفعل بالضبط؟ هل يمضي للأمام ويبدأ من جديد؟
هكذا هي الحياة لا تعطينا دائما ما نريد… بل يجب علينا أن نحاول النهوض والمحاولة من جديد، علينا أن نفهم أنفسنا ولا ندع اليأس يتسلل إلى قلوبنا حتى نستطيع التقدم والمضي من جديد…