بقلم الكاتب . فرج شليويح
رحلة الحياة قوامها الأقوى المال بلا شك ، وعبء الحصول عليه ليس سهلاً على ملايين البشر أما انفاقه فأسهل من حصول الوارث عليه وأيسر من حظ حالف مقامر شارك في يانصيب عابر .
تقودنا هذه الرحلة إلى حاظنة المال ومهدها الأول تلك المنظومة التقليدية التي لم تعد كذلك الأسواق وما أدراك ما الأسواق ؟
فالسيطرة عليها شيوعية يمقتها حتى من اتبع هذا النهج ولو على استحياء . أما تركها حرة طليقة لا تخضع إلا لمعيار العرض والطلب فرأس مالية أطلق عنان التضخم وفتح باب الثراء السريع على مصراعية فلا يكاد يمر يوم إلا وتمخضت تلك الأسواق عن عشرات الأثرياء ممن لم يبلغوا من العمر عتيا ولم تبدو على بعضهم مظاهر البلوغ بعد .
فهل أسواقنا نالت نصيبها من هذه التشوهات في دورة رأس المال وصناعته .
نعم ، فنحن لسنا بدعا من الناس ولطالما خضعت اسوقنا منذ عصر صدر الإسلام إلى هذه القاعدة ، وماقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أرخصوه أنتم ؛ حينما اشتكى الناس من غلاء سعر اللحم . إلا دليلاً على على حجم الحرية التي كانت تتمتع بها أسواقنا ومازالت .
حديثنا عن حرية السوق لا يتعارض بطبيعة الحال مع تدخل السلطة في حظر بيع بعض السلع والسماح بالبعض الآخر وإنما عن الغموض والضبابية الذي اتخذت من حرية السوق أداة لخداع المستهلك وتضليله والتهام مدخراته ، خذ على سبيل المثال ما يقولوه تجار العقار ، السيارات ، المواشي الخ .. عند مفاوضاتك على ما يعرضونه من سلع ، سيمت بكذا وكذا من المال ، بمعنى أن هناك من رغب شراءها بهذا المبلغ وبالطبع هم لم يقبلوا بذلك على حد زعمهم رغبةً منهم بسعر أعلى ؛ وعند تساؤلك ماهو الدليل على ذلك لا تجد سوى الدهشة التي تعلو محياهم ولكن الدهشة ستعلو وجهك أنت إذا علمت أن هناك مئات الآلآف من الناس ممن خدعوا بهذا الطريقة وفرقوا السوم أي تجاوزوا هذا المبلغ الذي وضعوه أولئك التجار نقطة وهمية لبدء مفاوضاتهم مع المستهلك النهائي وحملوه عبء نقاطهم الوهمية التي لا حصر لها وأرباحهم الخيالية دون وجه حق .
بالرغم أننا ندرك أن هناك مصداقية كبيرة جداً لدى الكثيرين ولا نشك في ذلك إلا هناك أن من يسئ لهذه الثقة أيضاً ، ولعل من مر بمثل هذه التجارب من حيث ومن حيث لا يعلم يدرك ما أعنيه ويؤيد وضع الحلول التي تكفل عدم تكرار هذا السيناريو معه أو مع أحد غيره .
جهود جبارة تبذلها وزارة التجارة وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك ووزارة العدل وكل الجهات المعنية في ضبط الأسواق وضمان سلامة العلاقة بين البائع والمشتري ، ولكن يظل في النفس شيئاً من (( سيمت )) حتى تكون هناك آلية واضحة لإثبات هذا السوم وجدية من قام به خاصة في السلع التي يتجاوز سعرها عشرات الآلآف ، ولعل في تجربة المزادات الإلكترونية المرخصة من الجهات ذات العلاقة ما يمكن الإستفادة منه في ضبط هذه الفوضى .