
هاشم بن علي الكاف
يا سائلاً عن فضلِ ذي الحِجَّةِ، اسمعْ
نُورُ الهدى في موسمِ الخيراتِ يسطعْ
شهرٌ به الرَّحمنُ يغفرُ ذنبَ من
لبّى ونادى: “لبيكَ” والقلبُ يخشعْ
فيه الطوافُ كأنَّ حول البيتِ روحٌ
تشدو وتبكي، والصفا في النفسِ يُرجَعْ
والرُّكنُ والمقامُ والمشاعرُ كلّها
شهدتْ بان الله في علاه ابدع
وعلى عرفاتٍ حينَ تصفو دمعةٌ
يُمحى الخطا، والعبدُ بالعفوِ يُنفَعْ
للهِ ما أبهى الجموعَ بحبِّهِ
سَعَتْ تَرومُ رضا الكريمِ وتخضعْ
وعلى المنى سارت قلوبٌ صادقاتٌ
رجَتْ القبولَ.. فمَن سعى لله يُرفَعْ
فاللهُ يُكرمُ من أتاهُ مُلبّيًا
ويُفيضُ فضلًا لا يُحدّ ولا يُمنَعْ
كم من دموعٍ في المَدى مُنسابةٍ
غسلتْ ذنوبَ العبدِ، والقلبُ أروعْ
واسمعْ لقلبي حين يهتفُ خاشعًا
“يا ربّ فاجعلني على دربِك أتّبعْ”
واجعلْ ليَ الحجّ المبرورَ زادَ تقًى
واغسلْ خطايا العمرِ، فالذنبُ موجَعْ
يا ربّ هذا الشهرُ فيهِ برحمةٍ
تُرجى وتُعطى.. كلُّ قلبٍ لكَ يركعْ
فاقبل دعاءَ العبدِ في عرفاتِك
وانظرْ إليه بعينِ لطفٍ لا يُجزَع
وارزقْ فؤادي حُسنَ خُلقٍ دائمٍ
واهدِ السُرَى ما بينَ شرعِك يُرتَجَعْ
وأظلِلْ غريبَ الدربِ في ليلِ الدجى
فالعبدُ إن لم تهدِهُ، كيفَ ينجعْ؟
واجعلْ لنا في كلِّ عامٍ وقفةً
نحيا بها، والروحُ بالذكرى تشعْ
واكتبْ لنا حجًا، وسِترًا، ورضًا
يا واسعَ الغفرانِ، يا مولاي ومطّلع
ولكلِّ من حجَّ المحجّةَ طاهراً
عادَ كمولودٍ، بروحٍ تخشع