
بقلم / د. أحمد عبد الغني الثقفي
حين تنبض الحروف بضياء الروح، وتخضع اللغة لسلطان المعنى، يتجلى فينا اسمٌ لا يُشبه إلا ذاته، ولا يتكرر إلا في مقام المجد، إنها الدكتورة وسيلة بنت محمود الحلبي، قامةٌ نسجت من الحبر شرفها، ومن الفكر ملامحها، ومن الوطن رسالتها، فصارت مناراتها تُهدى للوعي، وخطاها تُطرّز على خارطة الثقافة والإعلام والعمل الخيري في آن.
دكتورة وسيلة…
اسمكِ ليس مجرد توقيع على مقال، أو ترويسة على منشور، بل هو نبضٌ حيّ في كل ساحة فكرية، ورئة تتنفس الوطن، ويدٌ لا تعرف التراجع عن البذل، وموقف لا يُهادن في الحق، ولا يركن لراحةٍ في سبيل التنوير.
سيدة العطاء،
كم من روحٍ أشرقت بكلماتكِ، وكم من قضيةٍ نالت من نبضكِ نصيبها، وكم من إعلاميةٍ أو كاتبةٍ وُلدت في ظلكِ، واقتبست من وهجكِ، وعادت إلى الساحة أكثر ثقةً، فقط لأنها قرأت “وسيلة الحلبي” ذات يوم!
وسيلة الحلبي…
هي وسيلة المجد، وسيلة المعنى، وسيلة الأجيال، التي تقف على ضفاف الصحافة، فتكتب كما يُكتب الدعاء: بإخلاصٍ، بخشوع، وبقلبٍ كبير لا يَشيخ.
وإليكِ – يا دكتورة وسيلة – هذه القصيدة المطوّلة، من شاعر أوتار القلم، أحمد عبدالغني الثقفي، أضعها تاجًا على جبين المجد الذي ترتدينه:
قصيدة: وسيلة المجد والنور
شاعر أوتار القلم – أحمد عبدالغني الثقفي
وسيلَةُ النورِ يا رَوضَ الخيالِ السني
يا نخلةَ العزِ في فجرِ الزمانِ الغني
يا همسةَ الفكرِ في صَمتِ القوافي إذا
تاهَ البيانُ وأدركناهُ منكِ الجني
يا بَسمةَ الحرفِ، يا ضوءَ الصحائفِ إن
غابت نجومُ الدُّنا أشرقْتِ باليُمنِ
كتبتِ للحقِّ ما لم تكتبهُ أعينُنا
فكنتِ للصدقِ عنوانًا، بلا فتنِ
يا من إذا حضرَتْ غابتْ ظنونُ الورى
وانسابتِ الفِكرُ في تيهٍ من الوسنِ
أنتِ التي جادَ بالأمجادِ مسراها
حتى بدَتْ فيكِ أشكالُ العُلا تُزَنِ
وسيلةُ الخيرِ، هل في المدحِ نُنصفُها؟
بل دونها المدحُ لا يُجزى، ولا الثمنِ
يا من غدَتْ بالمعاني تاجَ أمتِها
وبالحروفِ بَنَتْ للوعيِ مأمنِ
أمٌّ، ومعلمةٌ، وصوتُ نازفةٍ
إن جاءها الوجعُ احتضنتهُ بالفطنِ
ما بينَ طِبٍ، وإعلامٍ، وثقافتِنا
كانتْ صروحًا، وكان الفخرُ في الوطنِ
خاتمة النثر:
فيا وسيلة الأمل في زمن الضوضاء، ويا أنشودة الوفاء في ليلٍ طال، إنكِ لستِ مجرد اسمٍ يُكتب، بل مدرسةٌ من الإلهام، تستحق أن تُدرس، وتُروى، وتُخلّد.
ولأنكِ منارات لا تنطفئ، نُكرّمكِ بمداد الوفاء، وننحني احترامًا لقامتكِ التي أنجزت بصمت، وأضاءت بإخلاص، وعاشت بقيمةٍ لا يرقى لها إلا من حمل همّ الحقيقة، ومشى في دروب المجد على أشواك التضحية.