مقالات وشعر

وهج زائف وظلال على عش الزوجية : كيف يؤثر المشاهير سلبًا على علاقاتنا؟

بقلم:عبدالعزيز عطيه العنزي

في عصرنا الرقمي، أصبحنا محاطين بصور نمطية للحياة المثالية، غالبًا ما يقدمها المشاهير والمشهورات عبر منصات التواصل المختلفة. من العلاقات الرومانسية “الخالية من العيوب” إلى مظاهر الثراء الفاحش والسعادة الدائمة، تخلق هذه الصور توقعات غير واقعية لدى الكثيرين، وقد يكون لها تأثير سلبي عميق على العلاقة الزوجية.
أحد أبرز هذه التأثيرات هو تضخيم التوقعات غير المنطقية. عندما يشاهد أحد الزوجين أو كلاهما صورًا لحياة زوجية تبدو مثالية، مليئة بالهدايا الفاخرة والإجازات الباذخة والتعبير العلني المستمر عن الحب، قد يبدأ في مقارنة واقعه بتلك الصورة المصطنعة. هذا يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالاستياء وعدم الرضا عن العلاقة القائمة، وتجاهل الجوانب الإيجابية الموجودة بالفعل. قد يتساءل أحدهم: “لماذا لا يفعل شريكي كذا؟ لماذا لا تبدو حياتنا مثل حياتهم؟” متناسين أن ما يرونه مجرد جزء منتقى بعناية من حياة هؤلاء المشاهير، وغالبًا ما يكون مصحوبًا بفريق كامل من المساعدين والمصورين والمسوقين.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي التركيز المفرط على حياة المشاهير إلى إهمال التواصل الحقيقي والعميق بين الزوجين. بدلًا من قضاء الوقت في التحدث عن احتياجاتهم ومشاعرهم وتحدياتهم اليومية، قد ينشغل أحد الطرفين أو كلاهما بمتابعة آخر أخبار النجوم وتفاصيل حياتهم. هذا يقلل من فرص بناء التقارب العاطفي وتعزيز التفاهم المتبادل، وهما أساس أي علاقة زوجية صحية.
كما أن الضغط الناتج عن المقارنات المادية يمكن أن يكون مدمرًا. عندما يرى الزوجان مظاهر البذخ والرفاهية التي يتباهى بها المشاهير، قد يشعران بالضغط لتحقيق مستوى مماثل، حتى لو كان ذلك يفوق إمكانياتهما المادية. هذا يمكن أن يخلق توترًا وقلقًا ماليًا يؤثر سلبًا على جو الأسرة واستقرارها.
لا يقتصر الأمر على العلاقات الرومانسية والمادية فحسب، بل يمتد ليشمل تأثيرات تتعلق بالجمال والمظهر الخارجي. عندما يتعرض الزوجان باستمرار لصور مشاهير يتمتعون بمواصفات جمالية “مثالية” وخاضعين لعمليات تجميل مكلفة، قد يبدأ أحدهما أو كلاهما بالشعور بعدم الرضا عن مظهره، وممارسة ضغوط على الشريك الآخر ليتوافق مع هذه المعايير غير الواقعية. هذا يمكن أن يقوض الثقة بالنفس ويؤدي إلى مشاكل في العلاقة الحميمة.
في الختام، على الرغم من أن متابعة أخبار المشاهير قد تكون مصدرًا للتسلية والإلهام للبعض، إلا أن التعرض المفرط لصور حياتهم “المثالية” يمكن أن يخلق توقعات زائفة ويؤدي إلى مقارنات مدمرة للعلاقة الزوجية. من الضروري أن يتذكر الزوجان أن السعادة الحقيقية والرضا في العلاقة ينبعان من التواصل الصادق والاحترام المتبادل والتقدير للواقع، وليس من محاولة تقليد حياة الآخرين التي غالبًا ما تكون مجرد واجهة براقة تخفي وراءها الكثير من التحديات والصعوبات.

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى