محليات

أم ضيف الله: ركيزة العطاء وذراع الوطن للأسر المنتجة

 

بقلم: د. فاطمة الفهيد

في زمن تعالت فيه أصوات الإنجاز، وازدادت فيه الحاجة إلى العمل المجتمعي المؤسسي، ظهرت أم ضيف الله، بيد ناعمة لا تعرف التراجع عن الضعفاء، فصارت قصة نجاح سعودية تروى، ومثالاً يحتذى في بناء الإنسان قبل البنيان.

ثمانية عشر عاماً من الإصرار والعطاء

منذ ما يزيد عن ثمانية عشر عاماً، قررت أن تبدأ مشوارها الصعب في دعم الأسر المنتجة، لا كراعية مؤقتة، بل كصاحبة رؤية تعيد هيكلة مفهوم “التمكين”، فأسست بازارات أسبوعية منتظمة، هي اليوم من أبرز المنصات الشعبية لعرض المنتجات المحلية، والمأكولات التراثية.

لم يكن لقاؤنا بها عاديًا؛ بل كان من أجمل اللقاءات وأكثرها تأثيرًا. تحدّثت لنا بثقة المرأة العصامية التي لم تنتظر دعماً، بل صارت هي الداعمة. قالتها بثبات:

تقول أم ضيف الله:

“لم أبدأ هذا العمل لأكون مرئية، بل لأجعل غيري مرئياً… النساء المكافحات هن الأبطال الحقيقيون لهذا السوق.

كفالة الأيتام… واجب قبل أن يكون فضلاً

لم تكتفى الناشطة الاجتماعية بهذا الدور، بل امتد عطاؤها إلى مجال كفالة الأيتام، تقول:

“حين تكفل يتيماً، فأنت لا تعيله فقط، بل تعيد بناء إنسان مكسور الجناح.”

وقد جعلت نصف دخل البازارات مخصصاً بالأيتام، إيماناً منها بقوله تعالى:

“فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر”

(الضحى: 9–10)

وتضيف أيضاً:

“نحن لا نقدم فضلاً، بل نؤدي أمانة؛ فهؤلاء أمانة المجتمع، وميزان رحمته.”

ولم نكن وحدنا من تحدث معها، بل استطلعنا رأي الزائرات لبازاراتها، فكانت الكلمات عنها تشبه الدعوات الصادقة.

تقول

أم مازن ، إحدى الزائرات الدائمات، علقت قائلة:

“أم ضيف الله ليست راعية بازار فقط، هي راعية بيوت… بسببها كثير من النساء اليوم يمتلكن مشاريع، ومصدر رزق، وأمل.”

وفي زاوية أخرى من البازار، تحدثت زائرة شابة فقالت:

“كنا بسطاء نحلم بفرصة، وجاءت أم ضيف الله، ففتحت لنا أبواب السوق والكرامة. لم تكن تسأل من أنت، بل: ماذا لديك؟”

ووسط هذا الحضور، كان اللقاء الأجمل مع ابنتها، التي قالت بعينين تلمعان بالفخر:

“أمي إنسانة عظيمة… كفلت الأيتام، وتكفلت بزواج أحدهم كاملاً . هي أمي، لكنها أم لغيري أكثر مما تتصورون… واللي تسويه يستحق أن يدعم من كل الجهات”

أم ضيف الله… ليست مجرد ناشطة، بل أيقونة عمل خيري منهجي، تسير بخطى ثابتة نحو تمكين المرأة السعودية، وصناعة مجتمع ينتج لا يستهلك، يعطي لا ينتظر.

كل بازار تنظمه، هو رسالة صامتة تقول:

“لا يحتاج الناس خطباً، بل يحتاجون يداً تمسك بهم في منتصف الانكسار.”

وستبقى أم ضيف الله، بصوتها الهادئ وأفعالها الصاخبة بالعطاء، منارات مضيئة في سماء الوطن… لا تنطفئ.

سلمى حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى