مقالات وشعر

أنا أتحدثُ عن ابنتي 

 

بقلم وداد بخيت الجهني

مايا

يا نسماتي الدافئة، ومُهجة فؤادي،ومنبع ابتسامتي، وضيء عيني ، وحِداء قلبي، و تراتيل روحي، ونبض أمومتي، و ريحانة خاطري ،يا ربيع العمر في كل الفصول، ويا أعظم سعادة أشرقت في أفق عمري، ويا أجمل حبّ طاف العالم ورسى على شطآن أيامي.

ابنتي الحبيبة.

بالأمس كانت لي أمنيات مُتراكمة في قلبي كثيرة، و أحلآم زمردية ،و طموحات كِبار، أرسلتها لربي، بدعوات ملأت عنان السماء، فطافت بي رحماته، وغمرني فضله، فوهب لي من نسائم خلقه نسمةُ الفجر أبيكِ، فستنآر الكون لي ورفرفت ملائكة الحبَّ

على مملكتي،وحمل لي الغد أجمل أمنية كانت لها نفسي تواقة فأنجبتُ الجمال الذي سمعت منه أجمل كلمة في الوجود “ماما”

مايا يا أجمل هدية ربانية، أخرجت قلبي من بين أضلعي، وجعلتهُ يحبو على أربع ثم يمشي على اثنتين، يا أجمل فتاة ًهاَمَ بحبها رجلاً ملك قلبي ،تسللت إلى أعماق روحه، وعلقت جدائل الحب على صدره، فاستعمرت القلب والروح،وأصبحت الملكة والمالكة.

ياطفلتي المشاكسة كنتِ بالأمس تقفين أمام المرآة عابثة بأدوات مكياجي، وعطوري، وملابسي، وانتعال أحذيتي مرت الأيام سريعًا كلمح البصر، و كبرتِ يا صغيرتي؛ وكبرت أمانيكِ، وأحلامكِ ، وها أنتِ اليوم تخطين خطواتك نحو الصعود لتنالي فرحة التخرج، فأتى الدمع متأبطاً مع يد الفرح، يخفق قلبي بشدة ، وترتعش يداي، وأنا أضمكِ إلى أحضاني،وأتأملُ وجهكِ الملائكي، وعينيكِ الباسمتين وهي تتحدثُ فرحًا ،وضحكاتك الدافئة التي تعالت تملأ الأرجاء، مشاعر لا توصف أنسابت إلى أوداج روحي تطير بي نحو الغيوم. يامصدر فخري. سيبقى هذا اليوم مخلد في الذاكرة وأنتِ تقفين على أعتاب نهاية مرحلة، وبداية أخرى من عمركِ الذي لا أتمناه إلاّ مديدًا سعيدًا، تودّعين فيه عالمًا لتستقبلي عالمًا آخر ذا طبيعة وألوان مختلفة،

يابهجة عمري، اليوم الدنيا أمامي منتصبة بباقة ألوان جميلة، و غيمات الفرح كقبائل نَصبت خيامها في صدري، ولكني يا ابنتي لن أستطيع أن أسير دربكِ، فمستقبلكِ لن يرسمه غيركِ، و خطواتك لن يمشيها سوى قدميكِ ، فشمري للمسير، وتعلمي إدارة ذاتك لتُحبيّها،وقدري الأمور بمقدارها الحقيقي، تسربلي بالقناعة، والحبَّ،والعطاء، وتعلقي بحبل الله المتين اجعلي ماجاء في كتابه الكريم تاج على رأسك، وسنة نبيه صل الله عليه وسلم وسام على صدرك، وأعلمي أن ماعند الله لايناله العبد إلاّ بطاعته،احذري الدنيا ولا تجعلي بريقها يُشتت نظرك،ولا تسمحي لقسوتها أن تُغير ملامح قلبك السخية بالمودة، والرحمة، وإياكِ والانحناء أمام عواصفها، كوني ذا صمود وشموخ أمام تحولاتها السريعة، وتبدلاتها العجيبة، ولا تتركي نفسكِ تحت وطأة عدلها،اتقني فنَّ العيش، والحياة، ولاتُقدمي على أتخاذ القرارات بدون مشورة ولتكن خطواتكِ محسوبة، ولا تنخدعي بالمناظر البرّاقه “فالظل لايعكس الحقيقة دائمًا” وتيقني يافلذة قلبي أني *أحبك حبًا بلا ضفاف، ودون شروط* ، أحبك بمشاعر لن تشعري بها إلا إذا أصبحتِ أم لتعلمي ماهية هذه المشاعر، فاستمدي من هذا الحب قوة ً وامضِ في حياتكِ. وتأكدي يامايا أن قلبي سيحتويكِ حتى وأن وراه الثرى!

سلمى حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى