
بقلم : قمره بنت حطاب السبيعي
قد تقابل في طريقك شخصًا يبدو غريبًا في ردة فعله، ينفعل بلا سبب، أو يرد على لطفك ببرود، فتستنكر تصرفه وربما ترد عليه بمثله.
لكن تمهّل…
أنت لا تعلم.
لا تعلم ما الذي يعيشه ذلك الإنسان خلف الكواليس، بعيدًا عن أنظار الناس، في عمق قلبه أو في زوايا يومه التي لا تُروى.
ربما لم ينم ليلته حزنًا، أو غادر منزله بعد خلاف مرير، أو يكافح صراعًا داخليًا لا يجرؤ على البوح به.
قد يكون حزينًا جدًا… أو حتى سعيدًا جدًا، لكنه لا يجد من يشاركه تلك المشاعر.
وربما تصرفه ليس موجهًا لك أصلًا، بل هو انعكاس لأعباء ثقيلة يحملها وحده.
نحن لا نرى من الناس إلا ما يظهر على “الواجهة”، لكن الحقيقة تسكن في عمق لا تصل إليه العيون.
لذا يأتي التوجيه الرباني ليقوم طريقة تعاملنا كما قال تعالى:
“وقولوا للناس حسنا” [البقرة: 83] وقال أيضًا:
“وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًۭا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلْجَـٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَـٰمًا” [الفرقان: 63]ولذلك فإن اللطف ليس ضعفًا، بل قوة من يفهم، ويتأنى، ويقدّر أن الناس يحملون ما لا يظهر.
قال الشافعي:
“لعل له عذرًا وأنت تلوم.”
قد تكون كلمتك اللطيفة بلسماً لجرح لا تراه، وقد تكون ردة فعلك الرحيمة حائط أمان في لحظة تهتز فيها روح أحدهم.
فاختر أن تكون نورًا، لا عبئًا.
واختر أن تُنصت، لا أن تحكم.
واختر أن تُمهل.. فأنت لا تعلم ما يحدث خلف الكواليس.