
اقتباسات وتحرير : هيا الدوسري
هنالك كشفت الصحراء عن سرها الخطير ، وتمت المعجزة في صحراء الجزيرة التي أصغت منذ نحو أربعة عشر قرناً إلى آية الوحى الأولى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) فسبحت باسم الله الذى ( علم الإنسان مالم يعلم ) انتصر العلم وأثمر الجهد هذه المرة، فأذاع البرق في اليوم الثاني عشر من مارس عام ۱۹۳۸ ، نبأ حفر أول بئر منتجة للبترول في “الظهران “ثم توالت الأنباء من بعد ذلك، معلنة عن اكتشاف آبار أخرى في “ابقيق والدمام وأبو حدرية والقطيف “.
ومن ثم بدأ سيل الذهب الأسود ينبثق من جوف الرمال سخيا دافقاً لا ينضب ..
وعلى هذه الرمال الملتهبة ، تحت شمس الصحراء المحرقة . وفى قلب الفلاة المهجورة الموحشة قامت معامل ضخمة تدفع سيل الزيت فى أنابيب تمتد أميالاً إلى موانىء التفريغ في الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط ..
ولم يكن التفريغ أمراً هيناً لطبيعة الإقليم. أما في الخليج ، فحين جاءت ناقلات البترول لتحمل هذا السيل الدافق ، عاقها هناك عائق من طبيعة الإقليم ولم تستطع أن تصل إلى الساحل عند فرضة ( الدمام ) ( ميناء الظهران) لأن مياه الخليج هناك ضحلة قريبة الغور ، لكن العلم لم يعجزه أن يصل الصحراء بقلب الخليج حيث ترسو الناقلات ، بل تقدم فبنى ميناء ضخمة تمتد ثمانية أميال في عرض الماء .
وكذلك عز على العلم أن تقطع حاملات البترول نحو ٣٠٠٠ الآف ميل كي تصل إلى البحر المتوسط عن طريق خليج عدن والبحر الأحمر وقناة السويس ، في طريقها إلى أسواق الغرب ، على حين لا تزيد المسافة عبر الصحراء ، بين منابع الزيت في الظهران ورأس تنورة ، وموانىء الساحل الشرقى للبحر المتوسط ، على ألف وسبعين ميلاً . ومد خط الأنابيب من شرق الجزيرة ، متجهاً شمالاً بالغرب إلى “تل الحِبر” بالقرب من حدود الأردن ، ومواصلا سيره في نفس الاتجاه عبر الأردن وسوريا ، إلى ميناء صيدا على ساحل لبنان !
ويبلغ قطر الأنابيب في هذا الخط ثلاثين بوصة ، وقد صنعت بحيث تحتمل الامتداد والانكماش مع
درجات الحرارة ويستطيع هذا الخط الحصين أن يدفع إلى الميناء يوميا ثلثمائة ألف برميل !
وازداد تدفق الزيت يوماً بعد يوم ، وسجلت الإحصاءات الرسمية وثبة الإنتاج من ٥٨٠ ألف برميل عام ١٩٣٩ إلى خمسة ملايين عام ١٩٤٠ ، تم إلى واحد وعشرين مليوناً وثلثمائة ألف برميل عام ١٩٤٥ وإلى ١٣٠ مليون وتسعمائة ألف برميل عام ١٩٤٨ ! وما تزال هناك آبار مغلقة لم تستغل بعد وتدفقت الثروة مع الزيت ، فإذا بالصحراء المجدبة القاحلة الماحلة ، تجود بملايين الريالات كل عام .
ومن المرحلة الأولى، تطلعت الجزيرة إلى يوم يستطيع أبناؤها أن يسيطروا فيه على الآلة ، فلم تنتظر حتى تستكمل عدتها للتعليم العالي؛ بل فرضت على شركة ( أرامكو )أن تنشئ في ( الظهران ) مدرسة لتخريج صناع سعوديين ، يدرسون فيها الميكانيكا والكهرباء وصناعات البترول ، ثم يوفدون في بعثات فنية إلى أمريكا ، ليكون منهم المهندسون والطيارون والخبراء.
انتهى ..
مقتبس من كتاب أرض المعجزات للكاتبة المصرية ( بنت الشاطئ) ١٩١٣-١٩٩٨
هذه كانت رؤية المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه للمملكة العربية السعودية وجهوده المبذولة بغية التقدم والتطور ومحاربته للجهل والرجعية .
لتأتي بعدها رؤية الأمير محمد بن سلمان (حفيد المؤسس وعرَّاب الرؤية) ليكمل مابدأه جده الملك عبد العزيز بعد عدة عقود بإطلاق ( رؤية المملكة 2030)🇸🇦🇸🇦
وهذه الخطة للمملكة العربية السعودية ، أُعلن عنها في 25 إبريل 2016م .