مقالات وشعر

التعصب الرياضي: حتى لو خسر فريقك، لا تخسر صحتك.

عبد العزيز عطية العنزي

في خضم المنافسات الرياضية المحتدمة، وتصاعد هتافات الجماهير، يجد الكثيرون أنفسهم منغمسين بعمق في تشجيع فرقهم المفضلة. يصبح الفوز فرحة عارمة، والخسارة مرارة لا تُحتمل. لكن، هل يستحق هذا الانفعال المبالغ فيه أن يؤثر على صحتنا وسلامتنا النفسية؟

التعصب الرياضي، بتعريفه البسيط، هو الانحياز الأعمى لفريق أو رياضي معين، يصل إلى حد كراهية المنافسين وتقبل أي فعل يصدر من المحبوب حتى لو كان خاطئًا. يتجاوز الأمر مجرد التشجيع ليصبح حالة من الانفعال الشديد الذي قد يؤدي إلى سلوكيات غير مرغوبة، سواء كانت لفظية أو جسدية.

الخسارة ليست نهاية العالم:

من الطبيعي أن نشعر بالحزن أو الإحباط لخسارة فريقنا، فهذا يعكس شغفنا وانتماءنا. لكن تحويل هذه المشاعر إلى غضب عارم، أو تقليل من شأن الفريق المنافس ومشجعيه، هو تجاوز للحدود. الرياضة، في جوهرها، تنافس شريف يسعى للترفيه والارتقاء بالروح الرياضية.

تأثير التعصب على الصحة:

للتعصب الرياضي تأثيرات سلبية جمة على صحة الإنسان، سواء كانت جسدية أو نفسية:

* ارتفاع ضغط الدم وتسارع دقات القلب: الانفعالات الشديدة المصاحبة للمباريات، خاصة في لحظات الحسم أو الخسارة، تزيد من إفراز هرمونات التوتر، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وتسارع دقات القلب، وهو خطر على مرضى القلب والضغط.

* زيادة خطر الإصابة بالسكتات الدماغية: في حالات الغضب الشديد والانفعال المفرط، قد يزيد خطر الإصابة بالسكتات الدماغية لدى الأشخاص المعرضين لذلك.

* اضطرابات النوم والقلق: التفكير المستمر في نتائج المباريات، والشعور بالغضب أو الإحباط، يمكن أن يؤدي إلى الأرق واضطرابات النوم وزيادة مستويات القلق والتوتر.

* مشاكل اجتماعية وعائلية: قد يؤدي التعصب الأعمى إلى خلافات حادة مع الأصدقاء وأفراد العائلة الذين يشجعون فرقًا أخرى، مما يوتر العلاقات الاجتماعية ويؤثر على الانسجام الأسري.

* السلوكيات العنيفة: في أسوأ الأحوال، قد يدفع التعصب بعض الأفراد إلى تبني سلوكيات عنيفة تجاه المشجعين المنافسين أو حتى تخريب الممتلكات العامة.

كيف نحافظ على صحتنا في خضم المنافسات؟

* تذكر أنها مجرد لعبة: الرياضة وسيلة للترفيه والتنافس الشريف، وليست حربًا أو قضية حياة أو موت.

* مارس الروح الرياضية: تقبل الفوز والخسارة برحابة صدر، وهنئ الفريق الفائز.

* ركز على الجوانب الإيجابية: استمتع بجمالية اللعبة، بالمهارات الفردية والجماعية، بغض النظر عن النتيجة.

* لا تجعل النتيجة الشخصية: لا تربط قيمتك الذاتية أو سعادتك بفوز فريقك أو خسارته.

* حافظ على توازنك: استمر في ممارسة حياتك الطبيعية، وقضاء وقت ممتع مع الأهل والأصدقاء بعيدًا عن أجواء المنافسات المحتدمة.

* تحكم في انفعالاتك: تعلم تقنيات الاسترخاء والهدوء في حال شعرت بالغضب أو التوتر.

* ابحث عن الدعم: إذا شعرت بأن تعصبك الرياضي يؤثر سلبًا على حياتك، فلا تتردد في طلب المساعدة من المختصين.

في النهاية، يبقى التشجيع حقًا مشروعًا وممتعًا، لكن يجب أن يظل في إطاره الصحي والمعقول. تذكر دائمًا أن صحتك وسلامتك النفسية أغلى بكثير من أي فوز أو خسارة في عالم الرياضة. حتى لو خسر فريقك، لا تخسر صحتك وعلاقاتك وراحة بالك.

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى