
حوار: عبدالعزيز عطيه العنزي
يُعد الشاعر طلال بن فهد أحد الأصوات الشعرية السعودية المعاصرة التي استطاعت أن تفرض حضورها بقوة في المشهد الأدبي. يتميز شعره بجمالية الحرف وعمق المعنى، فهو لا يكتفي برصف الكلمات بل يغوص في أغوار اللغة ليستخرج منها كنوز الدلالات والتعبيرات البديعة.
في قصائده، يتجلى اهتمامه بالتفاصيل الدقيقة، وقدرته الفائقة على تصوير المشاعر الإنسانية المختلفة بصدق وعذوبة
ولكي نتعرف أكثر على الشاعر طلال بن فهد Hجرينا هذا الحوار
أهلاً وسهلاً بك أستاذ طلال، وشكرًا جزيلاً لإتاحة هذه الفرصة للحوار معك.
بدايةً، نود أن نسألك عن هذه الثنائية الجميلة في مسيرتك: شاعر وإعلامي. كيف ترى هذا التداخل بين العالمين؟ وأيهما يستحوذ على شغفك الأكبر؟
– طلال بن فهد: أهلاً وسهلاً بك وبالقراء الكرام. الشكر لكم على هذه الاستضافة الطيبة. في الحقيقة، أرى أن الشعر والإعلام ليسا عالمين منفصلين تمامًا، بل هما جناحان لطائر واحد يحلق في سماء التعبير. الشعر هو مرآة الروح، يعكس الأحاسيس والمشاعر الإنسانية العميقة، بينما الإعلام هو جسر التواصل الذي ينقل هذه المشاعر والأفكار إلى أوسع شريحة من الجمهور.
شغفي يتوزع بينهما بتوازن. الشعر هو متنفّسي الخاص، هو المساحة التي أعبّر فيها عن ذاتي بصدق وتجرد. أما الإعلام، فهو مسؤولية ورسالة، فرصة للتأثير الإيجابي في المجتمع، وتقديم محتوى هادف وقيّم. أجد متعة كبيرة في كليهما، وأسعى دائمًا للمزج بينهما بطريقة تثري تجربتي وتقدم شيئًا ذا قيمة للمتلقي.
ننتقل إلى الشعر. عرفناك شاعرًا مرهف الحس، تغوص في أعماق الكلمات لتصوغ منها لوحات فنية بديعة. ما هي أبرز القضايا التي تستلهم منها قصائدك؟
طلال بن فهد: الشعر بالنسبة لي هو لغة الروح، وبالتالي فإن مصادري للإلهام متنوعة بقدر تنوع المشاعر الإنسانية. أجد نفسي متأثرًا بالحب بكل تجلياته، بالوطن وانتمائي له، بالفقد والشوق، بالتأمل في الكون والطبيعة، وبالقضايا الاجتماعية التي تلامس واقعنا. أحاول أن أنقل هذه المشاعر والأفكار بصدق وعمق، وأن أترك أثرًا في قلب المتلقي.
أؤمن بأن الشعر الحقيقي هو الذي يلامس جوهر الإنسان، الذي يعبر عن أفراحه وأحزانه وآماله وتطلعاته. لذا، أسعى دائمًا للبحث عن الصدق في الكلمة، والجمال في التعبير.
في ظل التطور الهائل في وسائل الإعلام الرقمي، كيف ترى تأثير ذلك على الشعر والشعراء؟ هل يمثل ذلك تحديًا أم فرصة؟
طلال بن فهد: وسائل الإعلام الرقمي سلاح ذو حدين بالنسبة للشعر والشعراء. من جهة، أتاحت هذه الوسائل منصات واسعة للنشر والتواصل مع جمهور أكبر بكثير مما كان متاحًا في السابق. أصبح بإمكان الشاعر أن يصل إلى الآلاف، بل الملايين، من القراء والمستمعين بسهولة ويسر.
من جهة أخرى، يفرض هذا التطور تحديات كبيرة. هناك سيولة كبيرة في المحتوى، وقد يضيع الصوت الشعري الأصيل وسط الضجيج الرقمي. كما أن هناك خطرًا من سطوة المحتوى السريع والعابر على حساب العمق والجودة.
لذا، أرى أن الفرصة تكمن في قدرة الشاعر على التكيف مع هذه الوسائل، واستخدامها بذكاء للوصول إلى جمهوره وتقديم شعره بطرق مبتكرة وجذابة. أما التحدي الأكبر فهو الحفاظ على جودة الشعر وأصالته في ظل هذه الزحمة الرقمية.
بصفتك إعلاميًا، ما هي أهم الرسائل أو القيم التي تسعى لتقديمها من خلال عملك الإعلامي؟
طلال بن فهد: الإعلام أمانة ومسؤولية.
أسعى من خلال عملي الإعلامي لتقديم محتوى هادف وبناء، يساهم في إثراء الوعي وتقديم المعلومة الصحيحة والموثوقة. أؤمن بأهمية الإعلام في تعزيز القيم الإيجابية في المجتمع، ونقل الصورة الحقيقية عن وطننا وثقافتنا.
كما أحرص على أن يكون هناك مساحة للرأي الآخر، واحترام التنوع الفكري، وتشجيع الحوار البناء. الإعلام يجب أن يكون منبرًا للتنوير والتثقيف، لا مجرد وسيلة للتسلية أو الإثارة.
نود أن نسألك عن تجربتك في المشهد الثقافي السعودي. كيف تراه اليوم؟ وما هي أبرز التحولات التي لمستها في السنوات الأخيرة؟
طلال بن فهد: المشهد الثقافي السعودي يشهد حراكًا ونضجًا كبيرين في السنوات الأخيرة، وهذا بفضل الدعم الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة للثقافة والفنون. هناك اهتمام متزايد بالمبدعين والمثقفين، وتفعيل لدور المؤسسات الثقافية، وتشجيع للمبادرات الفردية والجماعية.
لمست تحولًا كبيرًا في انفتاح المجتمع على مختلف ألوان الإبداع، وزيادة الوعي بأهمية الثقافة في بناء الهوية وتعزيز الحوار الحضاري. هناك جيل جديد من المبدعين الشباب يظهرون بمواهب واعدة وأفكار مبتكرة، وهذا يبشر بمستقبل مشرق للثقافة في بلادنا.
ما هي نصيحتك للشعراء والإعلاميين الشباب الطموحين في بداية مسيرتهم؟
طلال بن فهد: نصيحتي لهم أن يؤمنوا بموهبتهم ورسالتهم، وأن يعملوا بجد واجتهاد لتطوير أدواتهم وصقل مهاراتهم. على الشاعر أن يقرأ كثيرًا، وأن يستمع إلى التجارب المختلفة، وأن يبحث عن صوته الخاص وأسلوبه المميز. وعلى الإعلامي أن يتحلى بالمصداقية والمهنية، وأن يسعى دائمًا لتقديم محتوى ذي قيمة وأثر إيجابي.
الأهم من ذلك، أن يتحلوا بالشغف والإصرار، وأن لا ييأسوا أمام التحديات. الطريق قد يكون طويلًا، ولكنه مليء بالفرص لمن يسعى بصدق وإخلاص.
أستاذ طلال، شكرًا جزيلاً لك على هذا الحوار الممتع والمثمر، وعلى هذه الإضاءات القيمة حول الشعر والإعلام والثقافة. نتمنى لك كل التوفيق في مسيرتك.
طلال بن فهد: الشكر لكم ولجميع القراء الكرام. أسعدني هذا الحوار، وأتمنى أن يكون فيه فائدة ومتعة للجميع. بالتوفيق.