محليات

الطائف ترفض الصيف

 

بقلم  / ردة الحارثي

في الوقت الذي تتسابق فيه مدن المملكة إلى أجهزة التكييف، وتختنق الأرصفة بحرارة الشمس، تقف الطائف بشموخ مرتديةً عباءتها الممطرة وهواءها العليل، وكأنها ترفض الاعتراف بموسم الصيف هذه الأيام .الطائف لا تُهادن الحر، بل تفرض عليه شروطها، وتكتب له تعريفا جديدًا لا يشبه باقي المدن.

الطائف ليست مدينة عادية، إنها ذاكرة مناخية ترواغ القيظ وتغازل الضباب. على مرتفعاتها الخضراء، لا يُقاس الوقت بالدرجات المئوية، بل بنسمات الفجر ورائحة الورد الطائفي. صيفها غيمة، وشتاؤها رحمة، أما ربيعها فلا يحتاج إلى مقدمة.

ومع ذلك، فإن ما يؤلم حقًا هو أن الطائف – برغم ثروتها الطبيعية والجوية – لا تزال تُعامل سياحيًا كخيار ثانٍ أو ثالث، بينما تزدحم خطط السياحة في أماكن تفتقر إلى ما تمتلكه الطائف بالفطرة. أين مشاريع الاستدامة المناخية؟ أين المنتجعات التي تحترم الطبيعة؟ أين الاستثمارات التي تحفظ للطائف هويتها ولا تحوّلها إلى نسخة مشوهة من مدن أخرى؟

الطائف ترفض الصيف، لكنها لا ترفض الزائر. ترحب بالجميع، لكن بشروطها: لا صخب يلوث سكينتها، لا إسمنت يختنق على صدر جبالها، ولا مشاريع تسرق منها روحها.

ما تحتاجه الطائف ليس ترويجًا موسميًا، بل رؤية تليق بثباتها وتميّزها. رؤية تعرف كيف تحوّل الرفض إلى مشروع، والهواء البارد إلى علامة تجارية، والورد إلى اقتصاد.

فالطائف، ببساطة، ليست مجرد مدينة “تهرب” من الصيف. إنها مدينة قررت أن تُعيد تعريفه.

د . منصور الغامدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى