فنون ورياضة

المخرج قصي الياس يقدم مشروع غنائي يتجاوز حدود المألوف

 

جدة – ماهر عبدالوهاب

منذ ساعات قليلة، استقبل عشاق الفن عملاً غنائيًا مصورًا يحمل بصمة إخراجية فريدة للمخرج قصي الياس، في أغنية “كائن حديدي” التي أداها بإحساس الفنان بدر باسم.

لا يقدم هذا العمل مجرد قصة أغنية مصورة، بل يرتقي ليصبح مشروعًا فنيًا متكاملاً، يتميز برؤية سينمائية واضحة تتجاوز حدود القوالب التقليدية، ليخلق تجربة بصرية وسمعية استثنائية.

يستهل قصي الياس عمله بأسلوب سينمائي لافت، حيث يضع المشاهد مباشرة في قلب عالم الشخصية الرئيسية، بعد ثلاثة أشهر من فقدانه لوالده.

الكاميرا ترصد بدقة ملامح الحزن العميق الذي يخيم على الشاب ووالدته، ليؤسس بذلك لحالة بصرية مؤثرة منذ اللحظة الأولى، حتى المكالمة الهاتفية من الحبيبة، التي تبقى دون رد، تُقدم كلبنة بصرية تعكس عزلة البطل وانغماسه في ألمه.

تتوالى الأحداث بتصاعد درامي مشحون بالعاطفة، حيث يتم تصوير مرض الأم ونقلها إلى المستشفى بأسلوب يجسد القلق واليأس. قرار الخطيبة بالرحيل، ومحاولات الشاب الفاشلة للإصلاح، كلها تُقدم في سياق بصري يعزز من إحساس المشاهد بالتدهور التدريجي لحياة البطل.

وصولًا إلى المشهد المفصلي، حادثة السير وتوقف النبض المتزامن للأم والابن، يتم تصويره بحدة وقوة سينمائية تترك أثرًا عميقًا.

لكن قمة الرؤية السينمائية المختلفة لقصي الياس تتجلى بوضوح في المشهد الختامي، بعيدًا عن أي مؤثرات بصرية مبهرجة، يختار المخرج لغة بصرية بسيطة وعميقة لتوصيل رسالته.

الشاب وقد كبر، يحمل في داخله شوقًا جارفًا لوالدته. يعبر عن هذا الشوق بعمل فني عفوي، يرسم صورة أمه على الأرض، ثم يستسلم للنوم بجوارها.

هذا المشهد، ببساطته وتأثيره البصري القوي، يكرس فكرة الحب الأمومي المطلق والصامد، الحب الذي يبقى حتى بعد الفقد.

لقد استطاع قصي الياس أن يتعامل مع الأغنية المصورة كفيلم قصير، يمتلك حبكة بصرية متماسكة وشخصيات مرسومة بعناية وتصاعدًا دراميًا يصل إلى ذروته في مشهد ختامي مؤثر.

لم يكتفِ بتصوير كلمات الأغنية بشكل حرفي، بل استخدم الصورة لخلق طبقات إضافية من المعنى والتأثير.

وبجانب الرؤية الإخراجية المتميزة، يبرز أداء بدر باسم الصوتي كعنصر أساسي في نجاح هذا المشروع، يحمل صوته إحساسًا صادقًا بالوجع والحنين، ويتكامل مع الصورة ليخلق تجربة فنية متكاملة تتجاوز حدود الأغنية المصورة التقليدية.

في “كائن حديدي”، يقدم قصي الياس مشروعًا غنائيًا بصريًا ينم عن فهم عميق للغة السينما وقدرتها على نقل المشاعر والأفكار بطرق مبتكرة.

تضافرت جهود فريق عمل متميز لإخراج أغنية “كائن حديدي” بهذه الصورة المؤثرة. تولى إدارة التصوير كل من أرسلان أرسوي وأحمد خالد، بينما قام كل من رافي كينك ورامي كينك وعبدالله النعيمي بمهام الـ Gafeer.

أما عملية المونتاج المتقنة فكانت تحت إشراف أمير الحيالي، وأضفى فيكن لمساته الفنية من خلال التلوين، وقد ساهم كل من أحمد ليث وعمرو حسين وحسين الساعدي في إبداع المؤثرات البصرية ثلاثية الأبعاد (CGI 3D)، وتولت الياس كروب مهمة الإنتاج المنفذ لهذا العمل، بينما تعود القصة والرؤية الإخراجية المبتكرة للمخرج قصي الياس.

إنه عمل فني يثبت أن الأغنية المصورة يمكن أن تكون أكثر من مجرد وسيلة ترويجية، بل يمكن أن ترتقي لتصبح قطعة فنية مستقلة بذاتها، تحمل رؤية فنية متكاملة وتخاطب الجمهور بعمق وتأثير يتجاوز حدود المألوف.

سلمى حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى