
بقلم:عبدالعزيز عطيه العنزي
في عالم يضج بالأصوات والصور، حيث تتنوع الشاشات وتتعدد المنصات، يظل سحر الإعلام قوياً، ويأسر قلوب الكثير من الشباب الطامح. ومن بين هؤلاء، توجد شابات وشبان يحملون في عيونهم بريق الشغف، وفي قلوبهم حلماً يراودهم منذ الصغر: أن يكونوا جزءاً من هذا العالم، أن ينقلوا الخبر، أن يضيئوا على القضايا، أن يمتلكوا ناصية الكلمة والصورة أمام الكاميرا.
لطالما كان الحلم يراودها منذ أيام الدراسة الأولى. لم تكن ترى في التلفزيون مجرد جهاز للترفيه، بل كانت تراه مسرحاً للفكر والتأثير، ومنبراً للصوت الذي يصل إلى كل بيت. كانت تستمع بإنصات للمذيعين والمذيعات، تراقب طريقة إلقائهم، تتخيل نفسها مكانهم يوماً ما. كانت تقف أمام مرآتها، ممسكة بأي شيء يمثل ميكروفوناً، تتحدث بحماس طفولي عن أحداث يومها، مقدمة نشرة إخبارية خيالية من وحي خيالها الخصب.
كبرت الفتاة، وكبر معها الحلم. لم يعد مجرد خيال طفولي، بل أصبح هدفاً تسعى لتحقيقه. كانت تتابع الدورات التدريبية المتاحة، تقرأ عن فنون الإلقاء والتقديم، تحرص على تطوير لغتها وثقافتها العامة. كانت تشارك بفعالية في الأنشطةمن إذاعة مدرسية
وفي غمرة هذا السعي والترقب، وبينما كانت منهمكة في حياتها كشابة في مقتبل العمر، تحمل أحلاماً كبيرة، حدث ما لم يكن في الحسبان. جاءت الفرصة على طبق من “الصدفة”. ربما كانت في المكان المناسب في الوقت المناسب، خلال تغطية إعلامية لفعالية ما. لفتت عفويتها، أو ربما طريقة حديثها وتفاعلها، انتباه أحد المسؤولين في الجهة الإعلامية. لم تكن مستعدة تماماً، لم تخطط لهذه اللحظة تحديداً، لكن سنوات من الشغف والتحضير غير الرسمي جعلتها جاهزة لاقتناص الفرصة حين سنحت.
كانت تلك اللحظة بمثابة نقطة تحول. بدأت أولى خطواتها الفعلية في عالم التقديم. قد لا تكون البداية مبهرة أو تحت الأضواء الكاشفة مباشرة، لكنها كانت الباب الذي انفتح على مصراعيه أمام حلم طالما سكن الوجدان. كان عليها أن تتعلم الكثير، أن تكتسب الخبرة العملية، أن تتعامل مع رهبة الكاميرا بشكل حقيقي، وأن تثبت جدارتها في مجال يتطلب السرعة والدقة والمهنية.
قصتها، وإن كانت تحركت بفعل الصدفة في بدايتها، إلا أن استمرارها وتطورها سيعتمد بلا شك على حجم الشغف الذي تحمله، وقدرتها على التعلم والتطور، ومثابرتها في مواجهة التحديات التي يحملها أي مجال تنافسي كالإعلام.
إنها قصة تذكرنا بأن الأحلام الكبيرة تبدأ بخطوات صغيرة، وأن الصدف قد تكون مجرد شرارة تضيء الدرب، ولكن الوقود الحقيقي الذي يغذي مسيرة النجاح هو الإصرار والاجتهاد والإيمان بالقدرات. فكم من موهبة شابة تنتظر فرصتها، وكم من حلم يبدأ كهمسة في القلب ليصبح يوماً صدى يتردد عبر الأثير والشاشات.