
د/ عمرو خالد حافظ – متابعات
وضع توماس باخ اللجنة الأولمبية الدولية “في أيد أمينة” مع تسلم الزمبابوية كيرستي كوفنتري بشكل رسمي رئاسة الهيئة الرياضية الأقوى في العالم خلفا للألماني.
انتخبت كوفنتري في مارس الماضي في مواجهة ستة منافسين، وباتت عن 41 عاما أول امرأة وأول شخص من القارة الإفريقية يتولى رئاسة اللجنة الأولمبية الدولية.
تسلّمت كوفنتري، الفائزة بذهبتين أولمبيتين للسباحة عامي 2004 و2008، المفتاح الأولمبي من سلفها باخ، البطل الأولمبي الفائز بذهبية المبارزة للفرق عام 1976.
وبعد ولاية مضطربة استمرت لمدة 12 عاما، أعرب باخ عن ثقته في أن الحركة الأولمبية “في أيد أمينة” وأن كوفنتري ستُضفي “الإيمان والنزاهة والمنظور الديناميكي” على هذا الدور.تعتمد كوفنتري بشكل كبير على عائلتها. فإلى جانب والديها اللذين حضرا حفل التسلم في لوزان ، كان زوجها تايرون سيوارد حاضرا بصحبة ابنتيهما، إيلا البالغة من العمر ستة أعوام والتي يناديها باخ بـ”الأميرة”، وليلي، البالغة من العمر سبعة أشهر فقط.قالت كوفنتري التي تتولى المسؤولية رسميا عند منتصف ليل الاثنين “إيلا رأت شبكة العنكبوت في الحديقة، فأوضحت لها كيفية صنعها ومدى قوتها ومقاومتها للطقس السيئ والمخلوقات الصغيرة”.
وتابعت “لكن إذا انكسر جزء صغير منها، تصبح ضعيفة.
شبكة العنكبوت هذه هي حركتنا، إنها معقدة وجميلة وقوية، لكنها لن تنجح إلا إذا بقينا متحدين ومتعاضدين”.- “شغف خالص” -وأفادت كوفنتري بأنها لا تصدق كيف تطورت حياتها منذ أن حلمت لأول مرة بالمجد الأولمبي عام 1992، مضيفة أمام جمهور غفير في خيمة بحديقة البيت الأولمبي ضم أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية، بينهم من هزمتهم في الانتخابات، وكبار الشخصيات “كم نحن محظوظون بأننا ننشئ منصة للأجيال المقبلة من أجل تحقيق أحلامها”.
وأردفت: “إنه أمر مدهش ومذهل، لا أصدق حقا أني انتقلت من حلمي عام 1992 بالذهاب إلى الألعاب الأولمبية والفوز بميدالية، إلى الوصول للوقوف هنا معكم بهدف تحقيق أحلام المزيد من الأطفال الصغار حول العالم”.
وقالت كوفنتري التي شغلت منصب وزيرة الرياضة والفنون في حكومة بلادها من 2019 حتى العام الحالي، إن الحركة الأولمبية أكثر بكثير من مجرد “منصة لفعاليات رياضية متعددة”، مضيفة “نحن أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية حراس لهذه الحركة التي تهدف أيضا إلى إلهام وتغيير حياة الناس وجلب الأمل”.
وشددت: “لا ينبغي الاستخفاف بهذه الأمور وسأعمل مع كل واحد منكم لمواصلة تغيير حياة الناس ولنكون منارة أمل في عالم منقسم. يشرفني حقا أن أسير في هذه الرحلة معكم”.- “تمثل الروح العالمية والشبابية الحقيقية” -وبدوره قال باخ الذي واجه خلال فترة رئاسته مشاكل التنشط الممنهج في الرياضة الروسية وغزو موسكو لشبه جزيرة القرم وأوكرانيا، بالإضافة إلى جائحة كوفيد، إنه يتنحى ممتلئا “بالامتنان والفرح والثقة” بخليفته.
وتابع ابن الـ71 عاما الذي عُيّن في آذار/مارس رئيسا فخريا مدى الحياة، أن “انتخابها يبعث رسالة قوية مفادها أن اللجنة الأولمبية الدولية مستمرة في التطور. إنها أول امرأة وأول (رئيس) إفريقي يتولى هذا المنصب، وأصغر رئيس منذ بيار دي كوبرتان. إنها تمثل الروح العالمية والشبابية الحقيقية لمجتمعنا”.
وأشادت كوفنتري بباخ الذي حبس دموعه في إحدى اللحظات خلال خطابه الوداعي، مضيفة بعد عناق دافئ بينهما أنه علّمها “الاستماع للناس واحترامهم” وأنه قاد الحركة الأولمبية “بشغف خالص”.وتابعت: “حافظت على وحدتنا في أصعب الأوقات.
تركت لنا إرثا كبيرا وأملا. أشكرك من أعماق قلبي على قيادتك لنا بشغف من دون التراجع أبدا عن قيمنا”.ومن المتوقع أن يكون انتقال السلطة سلسا، إذ يقال إن باخ الذي دافع خلف الكواليس عن اختيار البطلة السابقة، أشركها في كل اجتماعاته منذ مارس.
بعد 12 عاما من الحكم، يترك باخ وراءه بيتا أولمبيا مزدهرا ماديا، يملك مضيفين لدورة الألعاب الأولمبية حتى عام 2034، وأمَّن اتفاقية البث مع قناة “إن بي سي يونيفيرسال” الأميركية حتى عام 2036، وهو أمر حاسم لمالية الهيئة.لكن يتعين على كوفنتري على الأقل فرض بصمتها بسرعة، وهي التي قادت حملة سرية قامت خلالها بالحد من تنقلاتها وأنجبت ابنتها الثانية، من دون طرح أي مقترحات ملموسة.وستتشاور الملكة السابقة لسباق 200 م ظهرا مع نحو مائة عضو في اللجنة الأولمبية الدولية الثلاثاء لتحديد “خارطة طريق جديدة”، ثم ترأس اللجنة التنفيذية الأربعاء والخميس قبل التحدث إلى وسائل الإعلام.
وسيكون موقفها موضع تدقيق خاص مع إعادة ظهور اختبارات الكروموسومات الجنسية للمشاركة في المسابقات النسائية، تحت زخم الاتحاد الدولي لألعاب القوى في آذار/مارس الماضي ثم الاتحاد الدولي للملاكمة الجديد في نهاية مايو الماضي.
في مارس الماضي، عندما تم الضغط عليها بشأن هذا الموضوع، وعدت كوفنتري “بحماية الرياضيات”، لكن من دون تقديم أي التزامات بشأن قبول أو استبعاد الرياضيات المتحولات جنسيا أو ثنائيي الجنس، مشيرة الى أنها تريد “مجموعة عمل” للوصول إلى “قرار مشترك”.
مع بقاء أقل من عام حتى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية ميلانو-كورتينا 2026، سيتعين على الرئيسة الجديدة أيضا أن تقرر مصير الرياضيين الروس والبيلاروس: ما لم يكن هناك سلام دائم في أوكرانيا، فإن المشاركة المحدودة في المسابقات الفردية، تحت علم محايد وشروط صارمة كما كانت الحال في أولمبياد باريس 2024، تبدو الخيار الأكثر ترجيحا.