مقالات وشعر

حين تجتمع الغيرة وسوء الظن

 

بقلم لمياء المرشد

في النفس البشرية تقاطعات معقدة من المشاعر والانفعالات، بعضها يولد من تجارب الحياة، وبعضها الآخر من تركيبة الشخصية ذاتها. ومن بين تلك المشاعر التي إذا اجتمعت في شخص واحد أحدثت خللًا في العلاقات وأربكت التوازن الداخلي، هما الغيرة وسوء الظن. فإذا اجتمعتا في شخص، باتت نظرته للأمور مشوّهة، وحكمه على الآخرين مجحفًا، وتصرفاته محكومة بدوافع باطنية لا واعية.

الغيرة وحدها قد تكون دافعًا للتطوير أحيانًا، لكنها إذا خرجت عن إطارها الطبيعي تحوّلت إلى نار تأكل صاحبها قبل أن تؤذي من يغار منهم. وسوء الظن كذلك، قد ينبع من حرص، لكنه متى ما أصبح عادة، شوّه النوايا وأفسد العلاقات.

أما إذا اجتمعت الصفتان، فالنتيجة غالبًا تكون شخصًا يظن أنه دائمًا على صواب، وأن الآخرين مخطئون أو سيئون النية. لا يسمع إلا صوته، ولا يعترف إلا برأيه. يتهم الآخرين في نياتهم، ويقرأ المواقف بعين الغيرة لا العقل، فيبني مواقفه على أوهام لا حقائق.

هذا النوع من الشخصيات مرهق في العلاقات، سواءً كانت علاقات عمل أو صداقة أو حتى قربى. إذ يصعب إقناعه، ويصعب تهدئته، ويصعب التعامل معه دون أن تُتهم في نيتك أو تُساء فهمك.

ومع مرور الوقت، يتكوّن لدى هذا الشخص عالم ضيق يرى فيه أنه الضحية دائمًا، وأن الجميع يتربص به أو يحاول التقليل من شأنه. وهذه العزلة الفكرية تؤدي به إلى مزيد من الانغلاق، وقد تُفقده فرصًا ثمينة في التعلم والنضج والتغيير.

الحل

يبدأ التغيير بالوعي الذاتي، وبمحاسبة النفس، والسماح للآخرين بأن يكونوا على صواب أحيانًا. فالرأي الآخر لا يقلل من شأننا، بل يوسّع أفقنا. والثقة بالنفس الحقيقية لا تتزعزع من نجاح الآخرين، ولا تستثار بوجودهم.

إن أخطر ما يمكن أن يحدث للإنسان هو أن يكون على خطأ ويظن نفسه على صواب دائمًا، وتلك مأساة من يعيش حبيس الغيرة وسوء الظن

سلمى حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى