مقالات وشعر

رعشة أهدابها كأنها قطعة ليل

بقلم:عبدالعزيز عطيه العنزي

في سكون الليل العميق، حيث تتوارى الأصوات وتتلاشى الألوان، برزت رعشة أهدابها.. لم تكن ارتعاشة خوف أو برد، بل كانت نفضة خفيفة، كارتعاشة جناح فراشة سحري في ظلمة حالكة. لكن في تلك الرقة كانت قوة كامنة، سرعان ما تجلت في تأثيرها.
رعشة اهدابها، بتلك الخفة المتناهية، بدت وكأنها سكين من نور شفيف، انسلّت عبر ستار الليل المخملي. لم تحدث ضجيجًا، لم تترك أثرًا ماديًا، لكنها خلقت شرخًا في عتمته. شرخًا سمح بتسرب خافت لضوء خفي، كأن قمرًا صغيرًا بزغ فجأة من خلف الغيوم الداكنة.
في تلك اللحظة، لم يعد الليل مجرد كتلة صماء من السواد. بفضل تلك الرعشة الدقيقة، تفتحت في ثناياه مساحات من الوهم اللطيف، كأن خيوطًا فضية بدأت تنسج نفسها على قماشه الداكن.
رعشة اهدابها لم تكن مجرد حركة عابرة، بل كانت إعلانًا عن حضور خفي، عن جمال كامن يرفض أن يظل أسير الظلام. كانت تذكيرًا بأن حتى أدق التفاصيل، حتى أرق الحركات، يمكن أن تحمل في طياتها قوة خارقة قادرة على تغيير نظرتنا إلى العالم، وعلى إضاءة عتمة أرواحنا، تمامًا كما قطعت تلك الرعشة ظلمة الليل.

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى