ثقافة

سحر البروباغندا ماذا تعرف عنه!!

سمعنا عن السّحر الأسود، السّحر الأبيض، السحر الفرعوني، وغيره من أنواع السّحر المختلفة

متابعات: عبدالعزيز عطيه العنزي

رئيس نادي الغد الإعلامي

ولكن هناك سّحر معاصر لا يعرفه الكثيرين، معظم سكّان العالم واقعين تحت تأثيره الآن ، وبسببه ربّما تمت السيطرة على رغباتك في هذه اللحظة!

هل أنت متأكّد بأن اختياراتك ورغباتك في هذه الحياة قائمة حقًا على حرية إرادة وحكمة منك؟

أم هي نتيجة كمّ هائل من المعلومات والرموز التي تلقيتها في لا وعيك الباطن طيلة السنين الماضية.. ومعظمها معلومات مغلوطة ورموز وهمية، تجعلك ترغب وتقرر وتحتاج بل وتحدّد أهدافك وفق إرادة غيرك لا بإرادتك الحرّة

لا تقلق.. لست وحدك فأغلب النّاس واقعون فيما يسمّى “الهندسة الرمزية” و ” التنويم المغناطيسي الجماهيري”

هذا المصطلح استخدمه الكاتب الفرنسي أنتوني غاليزو في كتابه “صناعة المستهلك”، وهو ما أقصده بسحر العصر الحديث

التنويم المغناطيسي الجماهيري يُستخدم في مجالات عدّة، خصوصًا في البروباغندا السياسية والدعاية التجارية

أفكار، أنماط، رموز، مفاهيم لا واعية يتمّ زرعها في عقلك الباطن، بل يصل الأمر إلى أنّ المعايير الأخلاقية للمرء قد يتم زراعتها فعلًا في داخله لتنمو ببطء وتخدم أجندات السّاسة والأحزاب ورجال الأعمال والشّركات الكبرى دون أن يشعر

هذه الأساليب من الهندسة الاجتماعية الجماهيرية وسحر البروباغندا قديمة قدم الإنسان، ولكنها تقدّمت بشكل كبير في القرنين الأخيرة

بعد ظهور المدينة الحديثة، ووصول ساكنها إلى الاكتفاء الذّاتي من السّلع الأساسية كالسكن والأكل والشّرب، تباطأ النموّ الاقتصادي لكبريات الشركات في العالم رغم غزارة الإنتا

كيف تقدر هذي الشركات تصنع حاجة وهمية عند الأفراد تدفعهم بشكل لا واعي لشراء المزيد من المنتجات ؟

من هنا جاءت فكرة “صناعة المستهلك” وسحر البروباغندا المعاصر

كيف تقدر هذي الشركات تصنع حاجة وهمية عند الأفراد تدفعهم بشكل لا واعي لشراء المزيد من المنتجات ؟

أنتوني في كتابه قسّم المستهلكين إلى عدّة أنواع، كالبرجوازيين، والطبقة المتوسطة، والفقراء، وحتّى النساء 

كل نوع له أساليب خاصة في التأثير عليه وتحويله إلى مستهلك مثالي

وأداة هذا التحويل تتم بشكل رئيسي عبر وسائل الإعلام والخيال الرمزي

 فمثلًا، الطبقة البرجوازية هي الأكثر قدرة على الشراء، لذلك هي النوع المفضّل للشّركات

 كان المدخل الأهمّ لصناعة المستهلك في هذه الطبقة هي فكرة “المكانة” 

لديك الكثير من الأموال وتريد أن تكون صاحب مكانة اجتماعية رفيعة؟ تقدر تشتري هالمكانة المحترمة بشراء علامة تجارية فاخرة وغالية

فصار الاستهلاك الحقيقي مو للمنتج نفسه، بل للمكانة، صاروا يبيعون حرفيًا مكانة!

هالشيء مازلنا نشوفه حتّى اليوم حتّى محليًا بعبارات مثل “منظري قدام الناس” 

وتلاحظون شركات مثل “فولكس فاجن” عندها شركة فرعية تبيع مكانة اسمها “بنتلي”

وأيضًا ” تويوتا ” لديها ” لكزس”

رغم إن الهدف الأساسي من سلعة السيارة هي إنها تنقلك من مكان لمكان بعيد بسرعة، لكن الشركات خلقت رغبات مضافة تخليك ترغب في أكثر من مجرد سيارة تنقلك

هالشيء مازلنا نشوفه حتّى اليوم حتّى محليًا بعبارات مثل “منظري قدام الناس” 

كتاب (صناعة المستهلك) يعرض بتفصيل كيف يتم صناعة رغبات الناس لتحويلهم إلى مستهلكين بسرد تاريخي وعلمي من البداية حتى اليوم

كيف تستخدم الشركات القيم الأخلاقية، الخيال، الشعارات، الرموز، والحيل والخدع الي أقلّ ما يُقال عنها “سحر” من البروباغندا يجعل عقل المستهلك وأمواله ورغباته وهويته بل حتى أخلاقياته تحت قبضة كبريات الشركات

عبدالعزيز العنزي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى