غير مصنف

سيدة الأعمال الأنيقة ندى بنت ناصر كدسة : رسالتي للمرأة باختصار: أحبي ذاتك، واعتزي بأنوثتك

حوار / د. وسيلة محمود الحلبي

في عالم يزخر بالتحديات والطموحات، تبرز سيدة الأعمال السعودية المهندسة ندى بنت ناصر كدسة كواحدة من النماذج الملهمة للشابات السعوديات. جمعت بين شغف الطفولة بالفنون والرسم، وبين تخصص علمي دقيق في الهندسة الداخلية من جامعة الأمير سلطان، لتشق طريقها بثبات نحو النجاح والتميز.
لم تكن الأناقة والجمال بالنسبة لها مجرد ذوق، بل رؤية متكاملة تنبض بالإبداع وتترجمها من خلال التصميم والديكور إلى واقع ملموس. صنعت من شغفها منصة عمل، ومن حلمها مشروعاً ريادياً، لتصبح اليوم رمزاً للطموح والاحترافية في عالم الأعمال السعودي.
للتعرف عليها أكثر كان لي معها هذا الحوار:

أ‌. ندى ناصر كدسة كيف وُلدت فكرة “نانايا”؟ وما الذي ألهمك لافتتاح أول معرض لا نجري مختص بخدمة القياس وتوفير جميع المقاسات في الرياض؟

قالت: لطالما شعرت بعدم الراحة عند ارتداء حمالات الصدر، وكنت أعتقد – كالكثير من النساء – أن الخلل في جسدي وليس في المنتج نفسه. واستمر هذا الإحساس لسنوات، حتى وصل بي الأمر إلى التفكير في الخضوع لعمليات تجميل، ظنًّا أنها الحل. وفي عام 2013، وخلال زيارة لبريطانيا، دخلت متجرًا متخصصًا بخدمة القياس الدقيقة، وكان يقدم مقاسات لم أرَ مثلها من قبل، حتى من أشهر الماركات. تلك الزيارة غيّرت حياتي بالكامل. للمرة الأولى، شعرت براحة جسدية حقيقية، وانعكس ذلك على ثقتي بنفسي ومظهري اليومي.
منذ تلك اللحظة، ولدت فكرة “نانايا”. حيث كنت أملك القدرة على السفر والوصول لهذا النوع من الخدمات، لكن كثيرًا من النساء في وطني لا يستطعن ذلك، رغم حاجتهن الماسة لها. قررت أن أكون الجسر لتوفير هذه الخدمة، وأن أقدّم ما كنت أفتقده، لكل امرأة سعودية. والدتي عضو مجلس الإدارة بجمعية “كيان” السيدة “ثريا سعيد الغامدي” غرزت فيني من صغري الاهتمام بالمجتمع، والتطوع والمساعدة في كل فرصة.
هكذا وُلد “نانايا لا نجريه”، ليس فقط كمتجر، بل كمشروع يحمل رسالة دعم وتمكين المرأة في كل مراحل حياتها. لذلك بالإضافة لتوجهنا بأزياء اللانجيري المميزة بمقاسات لم يسبق لها وجود بالسوق وخدمة القياس. حرصت على توفير منتجات تلبي جميع احتياجات النساء المتخصصة مثل حمالات صدر المراهقات، والرضاعة، والرياضة، وتصاميم تناسب من لديهم آلام مفاصل وحتى ما بعد الجراحة أو السرطان، وغيرها الكثير.

ما الرسالة التي تسعين لإيصالها من خلال هذا المشروع؟
قالت: رسالتي باختصار: “أحبي ذاتك، واعتزي بأنوثتك.”
هدفنا في “نانايا” ليس فقط توفير المنتجات، بل خلق تجربة تمكّن المرأة من الشعور بالراحة والثقة حيث نريد لكل امرأة أن ترى جمال جسدها كما هو، وأن تدرك أهمية العناية باحتياجاتها الخاصة. لأنه وللأسف، هناك تصور خاطئ بأن اللانجيري حكر على المرأة المتزوجة فقط، بينما الحقيقة أن الفتاة تبدأ في احتياجه من سن البلوغ. فارتداء المقاس الخاطئ قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، من تشوّه في نمو الثدي والعامود الفقري، إلى انسداد الغدد اللمفاوية أو التقرحات، وآلام في الظهر والرقبة وقد تصل لضرورة تدخل طبي. ولهذا، فإن التوعية بالمقاس الصحيح ضرورة، وليست رفاهية.

ما التحديات التي واجهتك في إطلاق “نانايا”، خاصة في ظل وجود عدد كبير من العلامات التجارية في هذا المجال؟
قالت سيدة الأعمال ندى ناصر كدسة: نانايا لا نجريه انطلقت مع فكرة جديدة لم يسبق لها مثيل في السوق، ودائما أي فكرة جديدة تواجه بعض المشاكل عند الدخول في مجتمع قد أعتاد سنين طويلة على فكرة معينة. مثلا “طبيعي أن تكون الحمالة غير مريحة وتسبب مشاكل” ورغم كثرة العلامات التجارية، إلا أن “نانايا” يقدم شيئًا مختلفًا تمامًا. كنا بحاجة إلى تغيير المفاهيم، وخلق ثقافة جديدة تُركّز على الراحة، والوعي، والتنوع الحقيقي في المقاسات.

ما الذي يميز “نانايا” عن غيره من المتاجر المتخصصة في الملابس الداخلية؟
قالت: باختصار: لا يوجد متجر آخر يقدم ما تقدمه نانا يا.
• نمتلك أكثر من 280 مقاسًا لكل تصميم لضمان وجود المقاس المثالي لكل عميلة.
• نقدم خدمة قياس احترافية فريدة من نوعها في السوق.
• نجمع بين جودة أوروبية عالية، وأسعار مدروسة، وتجربة إنسانية راقية.
• أكثر من ٥٠٠ عميلة خضعت لخدمة القياس لدينا خلال أول شهر لنا، لا يوجد مبالغة عندما أقول إن أكثر من ٩٩٪ منهن كنّ يرتدين مقاسًا خاطئًا قبل زيارتنا.

كيف تم تدريب الفريق العامل في المتجر لتقديم هذه الخدمة باحترافية؟
قالت: حرصت على تأهيل الفريق بشكل دقيق. حصلتُ بنفسي على شهادات من مراكز متخصصة في عدة دول، ثم قمت بتدريب مديرة المتجر والفريق تدريجيًا. ولم نسمح لأي موظفة بتقديم الخدمة إلا بعد تدريب مكثف استمر لأشهر، وتقديم الخدمة كان يتم على يدي شخصيًا في بداية الافتتاح لضمان الجودة.
كما أعددت كتيبًا يتضمن معايير الخدمة والتعامل مع العميلات، ونعقد جلسات تدريبية ومراجعة دورية للحفاظ على مستوى احترافي ثابت.
أما الحالات الخاصة — مثل المرضعات أو الناجيات من سرطان الثدي — فنوفر لهن إمكانية حجز موعد مباشر معي، حيث إنني الوحيدة في المملكة المتخصصة في هذا المجال.

هل ترين أن المرأة السعودية اليوم أصبحت أكثر وعيًا باحتياجاتها في اختيار اللانجيري المناسب؟
قالت: نعم، الوعي بدأ يرتفع، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل. قلة التنوع في المقاسات وصعوبة الحصول على المعلومة في مجتمع محافظ، من أكبر التحديات.
ومن اللافت أن المهتمين بعالم الأزياء في المملكة يدركون أهمية هذه القضية. وقد تلقيت دعوة من الأستاذ عمر محمد السقاف — مؤسس جمعية الأزياء — للانضمام كأول مختصة في هذا المجال، وتقديم دورات تدريبية للمصممات السعوديات.

ما الخطط المستقبلية لـ “نانايا”؟
قالت: نسعى للتوسع، ولكن بخطى ثابتة. هدفنا الأول أن يصبح “نانايا” هو المرجع الأول للقياس الصحيح في الرياض.
ونعمل حاليًا على تأسيس الموقع الإلكتروني لنتمكن من الشحن لجميع مناطق المملكة. بعد ذلك، سنبدأ التوسع في المدن الرئيسية، لأننا نؤمن أن خدمة القياس يجب أن تكون متاحة لكل امرأة. والحلم الأكبر أن نصل إلى الخليج والشرق الأوسط خلال السنوات القادمة بإذن الله.

كيف توفقين بين كونك سيدة أعمال، وبين حياتك كأم؟
قالت سيدة الأعمال ندى كدسة: لا شيء في حياتي أهم من كوني أم. لهذا السبب اخترت موقع المحل ليضم منطقة ألعاب للأطفال، وجهّزت في مكتبي زاوية خاصة لابنتي. وهذه الفكرة أخذتها من ذكرياتي مع والدي المستشار القانوني “ناصر علي كدسه” كبرت وأنا أرآه يكافح ويناضل من أجل حلمه، إلى أن وصل إلى ما هو عليه الآن.
ومن أجمل ذكريات طفولتي، عندما كنت أخرج من المدرسة مع والدتي، لشراء وجبة أطفال! والاتجاه لزيارة والدي في مكتبه لكي نمضي وقت سويا حتى وهو تحت ضغط العمل.
أحيانًا أعمل من المنزل، وأحيانًا ابنتي تكون معي في المتجر، ترسم أو تأكل أو تلعب. قد تمر بي لحظات أعمل فيها وهي نائمة في حضني — مما يضحك (الموظفات) ويقلن: “هذه هي المديرة الحقيقية لنانايا.
بصراحة التوازن ليس سهلاً، خصوصًا في المواسم مثل التخفيضات، والأعياد. لكني أمتلك شبكة دعم رائعة من زوجي وأسرتي. أشكر ربي لوجودهم في حياتي بشكل يومي، من غير مساعدتهم لم أكن أستطع أبدا أن أعطي اهتمامي التام للعملي في الأوقات المهمة وانا على ثقة تامة أن ابنتي بأمان. ولكن أكثر ما يخيفني الدلال الزائد حين تكون عند جدها وجدتها؟

ما نصيحتك للمرأة السعودية التي ترغب في بدء مشروعها؟

قالت: ابدئي فقط إن كان لديكِ شغف حقيقي. الشغف هو ما سيمنحك القوة للاستمرار، حتى في أصعب الأوقات. لا تدعي الكلام السلبي أو التشكيك يثنيك عن حلمك، لكن كوني واقعية: تعلّمي، وادخلي السوق بخطة واضحة ومدروسة.
وتذكّري أن أي مشروع في بداياته يحتاج إلى تضحيات — تضحيات في الراحة، وفي الوقت، وفي اللحظات الشخصية. المشاريع الجديدة مثل الطفل الرضيع؛ تحتاج رعاية مستمرة في عامها الأول، ولكنها تكبر، وتنمو، وتبدأ تُعيد لكِ كل ما بذلتيه حبًا ونجاحًا.
مررت بأيام لم أنم فيها سوى ساعات قليلة، وأيام استيقظت فيها فجرًا لأُحضّر وجبات اليوم لأنني لن أجد وقتًا لاحقًا. أنا من نظّفت المتجر قبل الافتتاح، وركّبت الأثاث والديكور، وواجهت كل التحديات بلا توقف.
هذا هو المعنى الحقيقي للشغف. إن كنتِ تملكينه، فلا شيء سيمنعك. السوق السعودي غني بالفرص، لكنه يحتاج إلى من تدخله بعلم، وبصيرة، وإصرار على التميز.

كيف ترين دور رؤية المملكة 2030 في دعم المرأة السعودية؟ وهل كان لها تأثير في انطلاقتك؟
قالت سيدة الأعمال ندى ناصر كدسة: رؤية 2030 أحدثت تغييرًا جذريًا. نحن نشهد عصرًا من التمكين الحقيقي للمرأة السعودية، وهذا منحنا دافعًا وثقة غير مسبوقة للانطلاق. وخلال عشر سنوات فقط، أثبتت السعوديات أنهن قادرات على الإنجاز والابتكار، و”نانايا” هنا لتقديم الدعم لهن — من الطالبة، إلى الأم، إلى البطلة الأولمبية.
وفي ختام هذا الحوار المُلهم مع سيدة الأعمال السعودية ندى كدسة، لا يسعنا إلا أن نرفع لها قبعة التقدير لما تحمله من شغف، وطموح، ورؤية واضحة في عالم التصميم وريادة الأعمال. هي مثال مشرف للمرأة السعودية التي تصنع فرقًا وتترك بصمة جميلة في كل ما تلمسه. شكراً لها على وقتها الثمين، وعلى ما قدمته لنا من دروس في الإصرار والجمال والإبداع. نتمنى لها مزيدًا من النجاح والتألق في مسيرتها القادمة.

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى