
بقلم الدكتور عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان
قد تمرّ بلحظات لا تفهم فيها لماذا سارت الأمور على غير ما تشتهي، تُغلق الأبواب في وجهك، وتتبدّد الأحلام التي رسمتها بعناية. وربما تسأل نفسك مرارًا: لماذا؟ ومتى الفرج؟ ولكن… ما أن تهدأ نفسك، وتُسلّم الأمر لله تعالى ، حتى تسمع تلك الكلمة الهادئة التي تضيء ظلام قلبك: “لعله خير”.
إنها ليست مجرد عبارة نُردّدها عند الفقد أو الخيبة، بل هي عقيدة قلبٍ يوقن أن تدبير رب العالمين أرحم وأعلم، وأن الخيرة حقًّا فيما اختاره الله سبحانه وتعالى. فما خاب عبدٌ فوّض أمره لربّه، وما ندم من قال وقت المصيبة: “إنّا لله وإنّا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرًا منها.”
كم من أمرٍ تمنيته بلهفة، ولو تحقق لأفسد حياتك؟
وكم من تأخيرٍ ظننته عثرة، فإذا به طريقٌ للسلامة والنجاة؟
فالقلوب المؤمنة لا تُهزم، لأنها تتوكّل على من لا يُخطئ، وتُسلّم لمن لا يظلم، وترضى بمن لا يخذل عباده أبدًا.
“لعله خير” ليست فقط راحة، بل هي مدرسة في الثقة بالله سبحانه وتعالى، ودليل إلى باب الرضا والسكينة والإيمان بأن كل إنسان يجب عليه الصبر والاحتساب.
فحين تخسر وظيفة، أو يتأخر زواج، أو تُردّ عن سفر، لا تأسَ ولا تُجزَع، بل قُل بقلبٍ مطمئن: “لعله خير”، وثق أن الله تعالى يدّخر لك ما هو أجمل، وأعظم، وأبقى.
فالخير لا يُقاس بعينك المجردة، ولا بحسابات البشر، بل يُقاس بحكمة الله تعالى ولطفه.
وقد يُريك الزمن لاحقًا أن ما منعك الله منه، كان بلاءً صرفه عنك، وأن ما وهبك إياه بعد حين، كان يستحق كل هذا الانتظار.
فامضِ في حياتك وأنت تُردد:
“ربي اختر لي، فإني لا أحسن الاختيار، ودبر لي أمري، فإني لا أحسن التدبير.”
واطمئن، فمهما بدا لك من ظاهر الأمور، فإن “لعله خير” كفيلة أن تُعيد لقلبك سلامه، ولروحك يقينها، ولحياتك معناها الحقيقي.