مقالات وشعر

مشهور في الأرض .. مجهول في السماء

بقلم : الإعلامي صالح المحجم

في عالم اليوم، حيث تتقاطع وسائل الإعلام مع حياتنا اليومية بشكل غير مسبوق، يظهر تساؤول ملح: كيف أصبح التافهون هم من يتصدرون المشهد؟إن ظاهرة تحويل شخصيات لا تحمل قيمة حقيقية إلى مشاهير تستدعي التفكير العميق في دور الإعلام والجمهور في تشكيل هذه الثقافة. فلم يعد يكفي أن يكون المرء موهوبًا أو مثقفًا ليحظى بالشهرة؛ بل أصبح الانجراف وراء التفاهة هو الطريق الأسرع إلى الأضواء.
أصبح من الضروري أن نتساءل: من هم هؤلاء التافهون، وما الذي يجعلهم يحظون بهذا الاهتمام الجماهيري؟
هذا التساؤل عن فكرة أن وسائل الإعلام والجمهور يلعبون دورًا رئيسيًا في تحويل شخصيات غير ذات أهمية إلى مشاهير ونضع لهم اهميه، غالبًا ما يكون هذا التحويل مدفوعًا بالاهتمام الإعلامي المفرط أو الهوس الإعلامي بالجمهور. إنها تعبر عن انتقاد لـ “ثقافة المشاهير” التي تركز على الشخصيات أكثر من أعمالهم أو مساهماتهم الحقيقية.
“ولو تسائلنا من هم التافهين”: هنا نشير إلى الأشخاص الذين لا يمتلكون أي مهارة أو قيمة حقيقية، أو الذين يعتمدون على مساعدة الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق الشهرة.
وللاسف نحن من نجعلهم يكتسبون شهرة واسعة بسبب اهتمام الجمهور أو وسائل الإعلام، بغض النظر عن قيمتهم الحقيقية فتجد أحدهم إما أنه منبوذ عن تلك التصرفات من قبل أهله أو أقاربه أو حتى المحيط الذي هو فيه، ونأتي نحن نتابعهم وندعمهم بطريقة أو بأخرى وبسبب دعمنا لهم هدمنا قيم أسره فقد أصبح أطفالنا يتقلدون بهم ويرون أنهم على صواب.
حدثني صديق لي يقول ان ابنته الصغرى تسأله أنها رأت بث إحدى التافهات(المشاهير) ويسألها شخص في البث لماذا نزعتي حجابك فردت بكل انحطاط وانسلاخ.. وقالت ألم يقل الله أما بنعمة ربك فحدث ، وأنا إنسانه على قدر كبير من الجمال وحبيت أحدثكم بنعمة ربي علي…
يقول صديقي : هنا دمعت عيني على ابنتي وهي تسمع مثل هذا الانحطاط الخلقي ، ويشكي لي ويقول لا أعلم هل أسحب منها الجهاز ، أم أجعلها تحذف ذلك البرنامج ، أم ماذا أفعل؟!

هنا جلست مع نفسي وتسألت من هم الذين يهتمون بشخصيات غير مهمة أو غير ذات قيمة، ويضخم اهتمام الجمهور بها.
يمكن للجمهور أن يكون لديه دور في تحديد ما هو شائع وما هو غير شائع، وبالتالي، يمكن أن يساهم في جعل شخص ما مشهورًا.
بشكل عام، العبارة تعبر عن سؤال حول طبيعة الشهرة في مجتمع اليوم، وتقدير قيمة المشاهير، ودور وسائل الإعلام والجمهور في تشكيل هذه القيمة.
للأسف أصبحت الساحة تعج بالمشاهير : مشاهير أزياء، مشاهير سباق سيارات، مشاهير مكياج، مشاهير استعراض بالاجساد والمفاتن، وحتى مشاهير دين وتفسير رؤى..
وأنا هنا لا أعمم ففي حياتنا وفي مجتمعنا بل وفي محيط الأسره هناك الصالح والطالح هناك الصح والغلط ، ولكن التافهون حسموا المعركة.
وللأسف نرى أن التافهين قد تمكنوا من السيطرة على المجتمع والساحات المختلفة بطرح تفاهاتهم على العامه.
وأقول بكل حسرة وندم أن غياب القيم والمبادئ الراقية يتيح للتافه أن يطفوا على السطح، ويقود إلى تفوق التافهين في مجالات متعددة.
ونجد برامج السوشال ميديا تعج ببرامج الانسلاخ الديني والخلقي ونجد بعض برامج التلفاز من مسلسلات وأفلام هابطة تدعي للانحراف وتسوق له.
في يوم من الايام التقيت بصديق لي وكان معه طفله الذي لايتعدى الصف الثاني الابتدائي وعندما رآني خرج مندفعا نحوي ليسلم علي ورفع إصبعين من يده وغمز بعينه وهو قائل (حبتين )
فسألته ماذا تعني هذه الجملة فقال لا أعلم ولكني شاهدتها في مسلسل.
أثر في ذلك الموقف كثيرا وشكرت الله بأن بناتي قد كبرن وتزوجن ولم يعد لدي طفل يشاهد مثل هذا الانحطاط.
قادني حب الاستطلاع أن أدخل تلك البرامج الهابطة لأرى ماذا يدور فيها.
وجدت امرأه تطيع شخص معها في البث طاعة عمياء حيث يأمرها أن تضع معجون طماطم أو معجون أسنان على وجهها وأن تصب الماء على رأسها وتغرق جسدها.
وجدت رجل طاعن في السن وذو وقار بلحيته البيضاء ، وتأمره واحده أن يرقص ويستهبل وهو يلبي طلبها، هنا تذكرت حديث على الرسول ﷺ إن من حق إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم .
وهنا رساله واضحه لمقام وقدر كبير السن ، كبير السن الذي في هذا الزمن تقبل الامتهان والذل والسخرية من أجل حفنة ريالات ولم يحترم سنه فكيف يريد من الآخرين احترامه…؟ ، وجدت زوج يستعرض بزوجته وآخر ببناته.

اين ذهبت الغيره…. يقول الرسول ﷺ ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: وذكر منهم الديوث.

اين ذهب الحياء…. كان ﷺ أشدّ حياءً من العذراء في خدرها.

ختاما
لاتصنعوا من الحمقى مشاهير
فإذا كان هنالك بعض المشاهير تافهون فهنالك بعض المتابعين لهم والداعمين تائهون.

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى