غير مصنف

(ولاء لايختبر في الضوء)

فايزة حامد الثبيتي

من أفواهٍ أغدقت علينا عهود الوفاء، وكم من ظهورٍ ولّت عند أول عاصفة!
تعلمت أن الوفاء لا يُقاس بما يُقال في لحظة حماس، بل بما يُفعل في ساعة عزلة.
أن الكلمات لا تُبني بها أوطان، بل بالمواقف تُرفع الهامات، وبالصبر تُرسَم الملامح الحقيقية للوفاء.

ليس كل من قال “أنا معك” كان حقًا حاضرًا حين انطفأت الأضواء، أو حين اشتدّ الحزن، أو ضاقت بنا الأرض.
فالوفاء لا يُباع ولا يُشترى، ولا يُمنح في خطابات مصقولة.. إنه يُولد في المواقف الحاسمة، وينمو في صمت التضحية.

نحن من كَتبنا تاريخنا بعرقنا، لا بمداد الخطب.
نحن من رسمنا ملامح العطاء، حين كان العطاء وجعًا لا يُرى، وبصمتنا لم تكن توقيعًا على شهادة، بل أثرًا خالدًا على جدار الزمن.

فالبصمة لا تصنعها المجاملات، بل المواقف.
والولاء لا يُختبر في حضرة التصفيق، بل في غياب الأمان.
هناك، فقط هناك.. يُعرف الصادق من المتلون، والثابت من العابر.

وفي النهاية…
لسنا بحاجة إلى من يُقسم أنه معنا،
بل إلى من يكون معنا حين لا نطلب، ولا نُبرر، ولا نُبرَز في الصورة.
فنحن نُجيد التقدير، لكننا لا نطلبه، ونمنح الوفاء، لكننا لا نستعطيه.

الوفاء عندنا شرف..
ومَن لا يُجيد حمل الشرف، لا يستحق أن يسير معنا في الطريق.

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى