
إعداد /أسعد المبارك
تزخر كتب التراث بقصص المتوكلين على الله سبحانه وتعالى والتي تحثّ المؤمن على الصبر والإحتساب والتوكل عليه مع فعل الأسباب المشروعة واليقين وإحسان الظن بالله تعالى فمن بينها
ما يذكر في كتاب “المستطرف في كل فن مستظرف” للأبشيهي أنه كان في زمن هارون الرشيد، قد حصل غلاء سعر وضيق حال حتى اشتد الغم على الناس اشتداداً عظيماً، فأمر الخليفة هارون الرشيد بكثرة الدعاء، والبكاء، وأمر بكسر آلات الطرب. ففي بعض الأيام رؤي عبد يصفق ويرقص ويغني فحمل إلى الخليفة هارون الرشيد، فسأله عن فعله ذلك من دون الناس فقال : إن سيدي عنده خزانة قمح وأنا معتمد عليه أن يطعمني منها، فلهذا أنا إذاً لا أبالي فأنا أرقص وأفرح، فعند ذلك قال الخليفة : إذا كان هذا قد توكل على مخلوق مثله فالتوكل على الله ،أولى، فسلم الناس أحوالهم وأمرهم بالتوكل على الله تعالى .
وجاءَ أحد الناس إلى الفضيل بن عياض ، وقال له: لَو أَنَّ رجلًا قعد فِي بيته وزعم أنه يثق فِي الله، فيأتيه رزقه، فماذ تقول فِي هذا الرجل؟ قال: إذا وثق بالله حتى يعلم أنه وثق به، لَمْ يمنعه شيىئًا أراده، لكن لم يفعل ذلك الأنبياء،ولاغيرهم، وقال: كان الأنبياء يؤجّرون أنفسهم (أي لأداء الأعمال من أجل الكسب المشروع)، وكان النبي ﷺ يؤجر نفسه وأبو بكر وعمر، ولم يقولوا نقعد حتى يرزقنا الله – عز وجل – ، وقال الله – عز وجل – : (فَأَنتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللهِ ﴾ [الجمعة ] ، ولابد من طلب المعيشة.