
بقلم: لمياء المرشد
ثمة أيام لا تُشبه سواها…
تأتي في زحام الحياة كنفحة رحمة، وفسحة نور، وموعد صادق بين العبد وربّه.
ويوم عرفة هو تاج تلك الأيام، وسيدها، وموسم الدعاء المفتوح على مصراعيه.
إنه اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم فيه النعمة، اليوم الذي تتنزل فيه الرحمات، وتُعتق فيه الرقاب، وتُروى فيه القلوب العطشى شوقًا للمغفرة.
في عرفات، يقف الحجيج بملابس الإحرام، وتبقى قلوبنا، وإن لم تكن معهم، واقفة بالدعاء والدموع والرجاء.
وفي هذا اليوم المبارك، يباهي الله أهل السماء بأهل الأرض، كما قال النبي ﷺ:
“إن الله يُباهي بأهل عرفات أهل السماء”.
ليس غريبًا أن يُعرف بأنه يوم الأمنيات…
فكم من حلم مؤجل تحقق فيه!
وكم من دعاء خافت صعد منه، وعاد محمّلًا بالبُشرى!
“خير الدعاء دعاء يوم عرفة” حديث نبوي كريم يُضيء لنا طريق هذا اليوم.
هو يوم للدعاء الذي يخرج من القلب،
للأمنيات التي لم يُحسن القلب الإفصاح عنها،
للحاجات التي اختبأت في زوايا الصدر، تنتظر موعدها مع الاستجابة.
اكتبي أمنياتك، رتّبي دعواتك، أعدّي سجدتك، واجعلي هذا اليوم لحظة مفصلية بينك وبين الله.
صيام يوم عرفة يُكفّر ذنوب سنة مضت، وسنة قادمة.
فهو صيام ليس كغيره، يُطهّر القلب كما يُنقّي الجسد.
خصصي وقتًا للدعاء الطويل الصادق، سجدة خفية تُخبر الله بكل ما تُخفيه نفسك.
اكتبي أدعيتك، وارفعي يديك بيقين أن لله في هذا اليوم عطاء لا يُرد.
لا يفتر لسانك عن التكبير والتهليل، فقد قال الله تعالى:
“ويذكروا اسم الله في أيام معلومات”.
وأعظم الذكر في هذا اليوم:
“الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
ابحثي عن لحظة هدوء، اجعليها وقفة قلب، ومصالحة روح، وموعدًا مع الله لا يُنسى.
يوم عرفة ليس مجرد تاريخ في التقويم،
بل فرصة ذهبية، وهدية ربانية، وعهد جديد بينك وبين الله.
هو اليوم الذي قد تُكتب فيه بداية جديدة،
وقد تُطوى فيه صفحة التعب،
وقد تُستجاب فيه أمنية ظننتِ أن لا موعد لها.
فكوني على موعد مع السماء…
وتأهبي، فما من يوم تُعانق فيه الأرض السماء كما يفعل يوم عرفة