ثقافة

قراءة في كتاب “وداد” للكاتبة وداد المنيٌع

بقلم عبدالعزيز عطيه العنزي

عندما تتصفح كتابًا يحمل اسم مؤلفته عنوانًا له، فإنك مدعوٌّ للدخول إلى عالمها الخاص، إلى مرآة تعكس رؤيتها وربما جوانب من روحها. هكذا كان انطباعي وأنا أُقلّب صفحات كتاب “وداد” للكاتبة السعودية القديرة وداد المنيّع. لم يكن مجرد تجميع لنصوص أو مقالات، بل كان أشبه بجولة حميمة في بستان أفكارها وتأملاتها.
تتميز كتابات وداد المنيّع بعمق الرؤية وبساطة الأسلوب في آنٍ واحد. تجدها تتناول قضايا اجتماعية وإنسانية بصدقٍ لافت، محلّقةً فوق سطح الأحداث لتغوص في جذورها وكوامنها. كلماتها ليست مجرد حروف مرصوفة، بل هي نبضات قلبٍ واعٍ، يرى العالم بعينٍ ناقدة ومحبة في الوقت ذاته.
في “وداد”، تتجلى قدرة الكاتبة على استنطاق التفاصيل الصغيرة، تلك اللحظات العابرة التي تحمل في طياتها معاني كبيرة. تتحدث عن المرأة وقضاياها، عن المجتمع وتحولاته، عن الحب والفقد، عن الوطن والانتماء، وذلك كله بأسلوبٍ رشيقٍ ولغةٍ عذبة تأسر القارئ وتدعوه للتفكير والتأمل.
لمستُ في ثنايا الكتاب حسًا مرهفًا تجاه الإنسانية، وتعاطفًا عميقًا مع المهمشين والمنكسرين. هناك دعوة ضمنية للتغيير الإيجابي، ورغبة صادقة في بناء مجتمع أكثر عدلاً وتسامحًا. لا تقدم وداد المنيّع حلولًا جاهزة، بل تفتح نوافذ على الأسئلة الكبرى، وتترك للقارئ حرية التفكير والمشاركة في البحث عن إجابات.
“وداد” ليس مجرد اسم لكتاب، بل هو دعوة لقراءة الذات والآخر، واستكشاف عوالم داخلية وخارجية بثقافة ووعي. هو صوتٌ نسائيٌّ سعوديٌّ أصيل، يضاف إلى قائمة الأصوات الأدبية التي تُثري المشهد الثقافي وتساهم في تشكيل وعيٍ أعمق بقضايا مجتمعنا وإنسانيتنا المشتركة. بعد قراءتي لهذا الكتاب، شعرت بأنني تعرفت على “وداد” أخرى، وداد الكلمة الصادقة والرؤية الثاقبة.

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى