مقالات وشعر

من السياسة إلى السياحة: كيف تعكس القمم الكبرى تحوّل المملكة السياحي

بقلم ليلى يوسف الصالح

بينما تستقبل الرياض الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعددًا من القادة والزعماء من مختلف دول العالم للمشاركة في قمة سياسية واقتصادية رفيعة المستوى، لم يكن الحدث مجرد مناسبة دبلوماسية تقليدية.
ففي ظل عدسات الإعلام وتصريحات القادة، ظهرت الرياض بحلّتها الجديدة: عاصمة توازن بين ثقل القرار السياسي وسحر الضيافة الثقافية.
لم يكتفِ الضيوف بالمباحثات الرسمية، بل ذابوا في تفاصيل الهوية السعودية من رشفات القهوة العربية، إلى العرضة النجدية التي دوت سيوفها في ساحات الاستقبال، إلى جولة بين جدران الدرعية العتيقة.
كانت القمة حدثًا عالميًا بوجه سياسي، لكنه حمل في جوهره ملامح سياحية أصيلة، تُعيد تعريف المملكة كوجهة تجمع بين التأثير والضيافة، وبين القرار والدهشة.

السياحة السياسية والفعاليات الكبرى

أصبحت استضافة القمم والفعاليات السياسية الكبرى من أبرز أدوات الجذب السياحي للدول، حيث تجذب وسائل الإعلام والمراقبين والزوار، وتضع المدن المستضيفة تحت الضوء العالمي. ومثلما أصبحت دافوس السويسرية مرتبطة بالمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن الرياض باتت اليوم تُعرف بأنها منصة حوار سياسي واقتصادي.

الصور المتداولة عالميًا من مطار الرياض، والفنادق، وقصور الاستقبال، تعزز من جاذبية المدينة كموقع للأحداث المهمة، مما يثير فضول السياح لاكتشاف ما وراء السياسة: الثقافة، التاريخ، والضيافة السعودية.

جاهزية البنية التحتية السياحية

استقبال هذا الكم من الشخصيات الرفيعة يُعد دليلًا واضحًا على تطور البنية التحتية السياحية في المملكة. فقد أثبتت الرياض قدرتها على توفير خدمات راقية تشمل الإيواء، النقل، والتقنيات اللوجستية، مما يعكس الجاهزية العالية لاستقبال الزوار من مختلف الجنسيات.

وتتماشى هذه الاستعدادات مع أهداف رؤية السعودية 2030، التي تسعى لتحويل المملكة إلى واحدة من أهم الوجهات السياحية في المنطقة، عبر تطوير الفنادق والمطارات والمراكز الترفيهية.

الاستثمار السياسي كرافعة للسياحة

الصفقات الاستثمارية الضخمة التي أُعلنت خلال القمة بين السعودية وعدة دول، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا والطاقة والبنية التحتية، لها تأثير غير مباشر على السياحة. فهذه الاستثمارات تدعم اقتصادًا مستقرًا ومتطورًا، وتخلق بيئة جاذبة لرجال الأعمال والزوار المهتمين باكتشاف فرص الاستثمار، مما يدفعهم للتعرف على المملكة من الجانب الثقافي والسياحي كذلك.

السعودية كمنصة للحوار والسلام = وجهة سياحية آمنة

الدول التي تلعب دورًا في تعزيز الاستقرار الإقليمي تُنظر إليها عادة كبيئات سياحية آمنة ومفضلة. والمملكة، من خلال دورها في جمع القادة والمشاركة في دفع عجلة الحلول السياسية، ترسخ صورتها كدولة حكيمة ومتزنة.

هذه السمعة تؤثر بشكل غير مباشر على قرار السياح، خصوصًا أولئك القادمين من دول أوروبية وآسيوية، الذين يبحثون عن وجهات مستقرة وآمنة.

التقاليد السعودية… دبلوماسية ناعمة تبهـر الضيوف

لم تكن القمة مجرد لقاءات سياسية واقتصادية، بل كانت تجربة ثقافية متكاملة عايشها القادة والوفود الدولية. من تقديم القهوة السعودية في الاستقبالات الرسمية، إلى عروض العرضة النجدية، عبّر كثير من الضيوف عن إعجابهم بالضيافة السعودية الأصيلة.

كما شملت الزيارة جولات لبعض الوفود في الدرعية التاريخية، حيث تعرّفوا على تاريخ الدولة السعودية الأولى، وتجولوا في الأحياء التراثية، ما يعزز من مكانة المملكة كوجهة ثرية بالثقافة والتاريخ.

ما بين السياسة والسياحة، استطاعت المملكة أن تبني جسورًا جديدة تجذب أنظار العالم. القمة الأخيرة في الرياض لم تكن مجرد لقاءات رسمية، بل كانت فرصة لتسويق الصورة الحديثة للسعودية كدولة عصرية، منفتحة، وآمنة، تستحق أن تكون ضمن قائمة الوجهات السياحية العالمية.

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى