محليات

حبُّ الرئاسة والشهرة: حين يتحوَّل الطموح إلى كذبةٍ كبيرة

 

بقلم الدكتور عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان

في ظل تسارع وتيرة الحياة المعاصرة، وتزايد مظاهر التنافس غير المنضبط، برزت ظاهرة تستحق التوقف والتأمل، تتمثّل في تحوّل الطموحات النبيلة لدى البعض إلى مطامع مَرَضيّة، تجرّ أصحابها إلى دوّامات من الكذب، والادّعاء، والتزييف، تحت مظلة حبِّ الرئاسة، والسعي للشهرة.

إنّ الطموح في أصله قيمة إيجابية، ودافع للتطوير والتميّز، لكنه متى ما انفصل عن المبادئ، وفقد ضوابطه الأخلاقية، انقلب إلى أداة للغشّ، وأسلوب للتمويه، واستعراض فارغ بعيد عن العمل الحقيقي.

ولا شك أن من أخطر الانحرافات أن يُصبح الكذب وسيلة للترقي، وأن يُزيّن للناس مَن يُتقن التمثيل، لا مَن يُتقن الإتقان.

قال الله تعالى:

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ [النساء: ٧٦]،

في توصيف دقيق لمن يُتقن الكلام المعسول ويُبطن الخصومة والمكر.

كما أن الشائعات التي تُبث ضدّ المخلصين، لا تُعبّر عن عيوبهم، بل تُظهر عجز الحاسدين الحاقدين. فهم لا يُهاجمونك لأنك أخطأت، بل لأنك تفوّقت، ولا يُشككون فيك لأنك متخاذل، بل لأنك صادق أثّرت في من حولك.

تاريخ الكذّابين لا يشهد لهم بالبقاء، لأن الحقيقة نور، لا يُطفئه تزييف، ولا يُخفيه تغليف.

والحكمة كل الحكمة، أن تترفّع عن الخوض مع من يتعمّد الإساءة، فبعض العقول لا تُجادل، وبعض النفوس لا تُصافَح، وبعض الألسنة لا تنقطع عن التشويه.

الحياة ليست مضمارًا للاستعراض، بل ساحةٌ للعمل الصادق، والبناء النزيه، والنية الخالصة لله سبحانه وتعالى.

والشهرة التي تُبنى على الزيف لا تدوم، أما الصدق، فهو الباقي، وهو الجسر الذي يربط بين العمل والقبول، وبين الناس والمحبّة، وبين العبد ورضا ربّه جل وعلا.

وقد قال الله عزّ وجل:

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ [إبراهيم: ٤٢].

فلنمضِ في طريقنا بثبات، نُقدّم الخير، ونتمسّك بالحق، غير مبالين بأصوات التشويش أو محاولات الإعاقة. فالزيف إلى زوال، والحق منصور بإذن الله، والمخلصون وحدهم مَن تبقى آثارهم شاهدةً على صدق عطائهم، حتى بعد رحيلهم.

والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.

@DrALOTHMAN

سلمى حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى