مقالات وشعر

خيانة مشروعة

بقلم / خالد بن محمد الفريجي

 مستشار أسري ومدرب معتمد

العلاقات الزوجية من أنبل وأجمل وأقدس العلاقات الإنسانية ، وتتميز بتمتعها بحصانة شرعية كبيرة للغاية من خلال قواعد وقوانين شرعية تجعلها من أطهر العلاقات وأسماها ، أي خلل عميق ربما قد يؤدي إلى ممارسات وسلوكيات تدخل احدهما أو كلاهما في المحظور .
الزواج يجب ما قبله من علاقات عابرة، أو نزوات مندثرة في دهاليز النسيان .
مفهوم الزواج قائم على الحب والود والإيثار والتكاملية والشراكة المتميزة لتحقيق أهداف سامية من أهمها الاتزان العاطفي والإشباع الروحي والاستمتاع الجسدي البعيد عن الأنانية ، والانتهازية، ومن الطبيعي أن يكون من ثمار كل ذلك الاستقرار النفسي والهدوء العاطفي ،وبناء أسري متماسك ، وأبناء إن قدر الله لهما ذلك صالحون متميزون .
يعتري أي علاقات انسانية بعض من الخلافات والاختلافات تتطور إلى إن تكون صراعات ، ومن أسوأ الحالات ان تندرج تلك العلاقات الزوجية ضمن هذا التسلسل المؤلم ذو المآلات السيئة .
عند سيطرة الأنانية ، وغياب الشفافية ، ستتحول تلك العلاقة الزوجية الحميمية إلى علاقة أشبه ما تكون بأرض المعركة وقودها تلك المشاعر الجميلة ، والذكريات السعيدة لتتحول جميع الصور المشرقة إلى رماد ودخان يشعل ماتبقى من ود بينهما ،ليتعاركان في الأرض المحرمة ، فيقدما أبنائهم قرباناُ لهوس الشيطان .
ويستمر ذلك العراك ليصل إلى كل المنصات للتشهير والتعريض وربما الانتقام وما أدراك ماهو ذاك الانتقام .
في خضم ذلك الصراع المفتعل ( نسوا الفضل بينهم) وكذلك ال( الامساك بالمعروف ) أو ال(التسريح بإحسان).
هذا المشهد متكرر ، وقد نراه في محيطنا أو في اروقة المحاكم وهو شيئ طبيعي وفطري لكل علاقة محتدة يميل فيها كل طرف للتشفي والانتقام من الآخر سعياَ للانتصار .
وهناك مشهد آخر أكثر خطورة لما سبق عندما تتحول الجفوة بين الزوجين إلى صمت مطبق وابتعاد عاطفي مؤلم أحد مظاهره العزوف عن أداء الواجبات المنزلية بشكل مفرط وبالتالي سيغلق كل طرف على نفسه في عوالمه الخاصة ، ومن ثم البحث عن ملئ ذاك الفراغ القاتل بأي شيئ متاح ومن ذلك الانغماس بالصداقات والانجراف لعالم التواصل الافتراضي ، وربما اتجاه بوصلة احدهما أو كلاهما نحو بناء علاقات ، وممارسات محرمة يجدا فيها تنفيسا لغضبهما من تلك العلاقة الزوجية المملة ، فيرى احدهما ان في ذلك مبرراً للانتقام من الطرف الآخر وتحميله مسؤولية عدم الحفاظ على تلك العلاقة وبذلك تهدأ ثورة الضمير لديه بأن الآخر هو المتسبب في تشتت الأمر .
وبذلك تغلف تلك العلاقات الطارئة بقميص الشرعية تحت طائلة أن الدفاع عن النفس حق مشروع كما يعتقد .
وبذلك تُدق آخر المسامير في نعش العلاقة الزوجية ويبدأ الابتعاد الحقيقي يسدل ظلامه ، فيسود الشتات ، ويبدأ الموت السريري للضمير ليدفن في أزقة تلك العلاقات المشبوهة مع أطراف غامضة ليصبحوا ضحية لأناس اقتنصوا ذلك الشتات لينفردوا بضحاياهم كيفما أرادوا ليستيقظ أحدهما أو كلاهما على واقع لم يتوقعوا مرارته أبدا .
فيصبح الخيار إما مزيداً من الضياع أو صحوة متأخرة لاتعيد الثقة المفقودة حتى لو انهمرت دموع الندم دماً .
الثقة والعفة وجهان لعملة واحدة ولن تجد لهما صرفاً أو اعتداداً في مصارف الرذيلة .
إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان هي خاتمة كل علاقة زوجية لا ينبت الأمل في صحرائها القاحلة .

شعبان توكل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى