مقالات وشعر

المهنية في الأداء والعمل

 

المهنية هي الاحترافية، وهي الصفات والسلوك والأهداف التي يتميز بها الإنسان في عمله وفق معايير عالية، في الظاهر وخلف الكواليس.

وللمهنية دور بالغ الأهمية. فهي تمنح الإنسان الشعور بالرضا وتقدير الذات، وتقوم ببناء سمعة مشرفة له وللمؤسسة التي يعمل بها، وتثير إعجاب الآخرين من حوله به وتلهمهم، وتزيد من إنتاجية العمل بجودة عالية.

ومقارنة بالدول الصناعية المتقدمة، لا تزال المهنية في عالمنا العربي والإسلامي تحت الحد الأدني المطلوب. ويعود ذلك إلى عدة عوامل، منها ضياع الأمانة وضعف الإحساس بالمسؤولية، وتدني مخرجات التعليم ومستوى التدريب العملي، وغياب العدالة والدعم والمحفزات في بيئة العمل مما يجعلها بيئة سامة ومنفرة، وضعف الأنظمة الرقابية.

وعندما يقوم المعلم بتقديم مادته بشكل ركيك وناقص في المدرسة لكي يلجأ الطلبة إلى دروسه الخصوصية في المنزل مقابل المال، يكون قد تخلى عن مهنيته ورسالته.

وعندما يقوم الطبيب بطلب الفحوصات الطبية غير اللازمة وصرف العلاجات الكثيرة وغير الضرورية، ليستنزف أموال المرضى لصالحه وصالح العيادة أو المستشفى التي يعمل بها، أو يقدم رعاية صحية ضعيفة قد تهدد صحة المرضى أو حياتهم، يكون قد تخلى عن مهنيته ورسالته.

وعندما يقوم الكاتب بنشر مقالات أو مؤلفات لمجرد الكتابة والنشر، ويقوم بالتضليل أو “التطبيل”، بدلاً من التنوير ومناقشة قضايا الأمة والمجتمع وهموم الناس، وتقديم الأفكار والحلول والأعمال المفيدة والراقية، يكون تخلى عن مهنيته ورسالته.

وعندما يقوم المذيع في الراديو أو التلفزيون بعدم الالتزام بالحياد أثناء النقاش، ومقاطعة ضيوفه في البرنامج بشكل مزعج ومتكرر، يكون قد تخلى عن مهنيته ورسالته.

وعندما يقوم المسؤول بالتحدث للمواطنين عن إنجازاته ولا يتحدث عن إخفاقاته بشكل مباشر وشفاف، يكون قد تخلى عن مهنيته ورسالته.

ولابد من زرع صفة الأمانة والتفاني والإخلاص في أرواح الناشئة، ورفع مستوى مخرجات التعليم والتدريب العملي، وتقديم الدعم اللازم والمحفزات الضرورية في بيئة العمل وإتاحة الفرص بشكل متساوي لجميع العاملين، لكي تكون بيئة جاذبة لا بيئة سامة ومنفرة، وأن يكون هناك مساءلة نزيهة وعادلة تبدأ بالكبير قبل الصغير تقوم بها الجهات الرقابية، حتى تكون المهنية ثقافة أخلاقية سائدة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.

 

د. عبدالعزيز رداد الحارثي
كاتب رأي واستشاري أمراض باطنية وطب المسنين

د . منصور الغامدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى