
بقلم الإعلامي:- صالح المحجم
لكل إنسان أخطاء وعيوب، طبعاً لا أقصد العيوب الخلقية بل أقصد العيوب في التصرفات والطباع التي قد تحتاج لنصيحة شخص مقرب منا كي نقوّمه.
هنا استوقفتني عبارة تنسب إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رحم الله من أهداني عيوبي.
وقعت في نفسي موقعاً عميقاً، فالفاروق هو خير من يقتدى به من خلفاء المسلمين بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. كلمات توزَن بالذهب لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
ما بال أحدِنا لو وُجِّه إليه نقدٌ فَهاج وماج وكأنه ملاك؟
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : اهدوني عيوبي
ماهو عيبك يا أمير المؤمنين
ماهو عيبك يا أحد العشره المبشرين بالجنة
ماهو عيبك ياصاحب خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صل الله عليه وسلم.
فعندما ننتقد أو ننبه لخطأ فلا يعني ذلك بأي حال من الأحوال الإساءة لمن ننتقده ، فربما نكون نحبه ونحب ان ننجيه من عذاب النار في انتقادنا له.
قال أحدُ السلف ، رب أخٌ لك كلما لقِيَك ذكَّرَك بنصيبِك من الله، وأخبرَك بعيبٍ فيك، أحبُّ إليك وخيرٌ لك من أخٍ وضعَ في كفِّك دينارًا.
وقال آخر ،إذا رأيتَ من أخيك عيبًا فإنْ كتمتَه فقد خُنتَه، وإن قُلتَه لغيره فقد اغتبتَه، وإن واجهتَه به فقد أوحشتَه
قيل له: كيف أصنَع؟!
قال: تُكني عنه وتُعرِّض به وتجعلُه في جُملة الحديث
وقال الله تعالى:
(قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا) صدق الله العظيم.
فإذا أراد الله بعبده خيرًا بصَّرَه بعيوبِ نفسِه، ومن كمُلَت له بصيرتُه لم تخفَ عليه عيوبُه، وإذا عرفَ عيوبَه أمكنَه علاجُها.
والإعراضُ عن معرفة العيوبِ علامةُ ضعفٍ ونقصٍ، والذين يُعمُون أعيُنَهم عن مُلاحظة عيُوبهم هو اعتِقادُهم أنَّهم بلَغوا مرحلةً من الكمال، ولن يُهذِّبَ الفردُ ذاتَه، ويُنمِّيَ شخصيَّتَه، ويسُد الخلل حتى يُقِر بعيوبِه التي هي آفاتٌ في المُجتمع تُعطِّلُ طاقات الأمة، وتُحطِّمُ مُنجَزاتِها، وتعوقُ مسيرتَها نحو التقدُّم.
فيكون الرجل في موقع المسؤليه
وخوفا منه في خسارة ذلك المنصب
يقوم بادعاء المثاليه وينسب لنفسه أعمال ليست له
فترى منهم الفارغ وليس لديه فكر وكله عيوب ،وفي المقابل لن يقبل ان يسمع عيوبه وخصوصا من هم اقل منه منزلة ومكانة ومنصبًا، وهنا يكمن الخلل ،وكل ذلك لأن هناك من وضع في مكان لايليق به وليس أهل له ومع هذا كله يرفض أن (ينتقده) أحدهم ، ناهيك عن إهداء عيوبه..
الصديق من صدقك ، وليس من صادقك.
الصديق المخلص هو من يهدي لصديقه عيوبه في خلوه بينهما لا ثالث لهما سوى الله.
وكما نعلم إن النقد يبني العقول ويقوّم النفوس ويقيم الروابط·· ولكن بين العقلاء ممن هدفهم البناء دائماً، بعيداً عن أناس لا يريدون من النصيحة والنقد إلا التجريح والتشهير.
وأختم كلامي هذا بقول جميل للإمام الشافعي رحمه الله حيث قال: تعمدني بنصـــــح بانفــــــراد وجنبني النصيحة في الجماعة فإن النصح بين القوم نوع من التوبيخ لا أرضى استماعــه .