
الدمام – فتحيه عبدالله
يبرز جناح دولة الإمارات العربية المتحدة في المعرض الدولي التاسع عشر للعمارة في بينالي البندقية بمشروع مبتكر يحمل عنوان “على نارٍ هادئة”، من تقييم المعمارية والباحثة الإماراتية عزه أبوعلم، ليجسد كيف يمكن للإبداع المعماري أن يتصدى لأحد أكثر التحديات إلحاحًا في عصرنا: الأمن الغذائي.
وقالت الأستاذة الجامعية والمعمارية عزه أبوعلم، القيمة الفنية والمشرفة على الجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية: “مع خضوع العالم لتحول زراعي مستمر ومواجهة التهديدات المتزايدة لتغير المناخ، أصبحت تحديات الأمن الغذائي والمائي أكثر إلحاحًا، لا سيما في منطقة الخليج. ففي الوقت الذي تواجه فيه أساليب الزراعة التقليدية تهديدات متزايدة، بدءًا من تدهور التربة ووصولًا إلى درجات الحرارة القصوى، يأتي مشروع “على نارٍ هادئة” ليقدم رؤية بديلة ترتكز على الإبداع المعماري من منظور الحلول المحلية.”
وأضافت عزه أبوعلم: “يستكشف المعرض كيف يُمكن للعمارة المساهمة في حل تحديات الأمن الغذائي في المناخات القاحلة عبر إعادة تصور البنى التحتية للزراعة في دولة الإمارات. ويسلط الضوء على كيفية تكيّف الخبرات المحلية مع الظروف المناخية والبيئية الخاصة بمنطقة الخليج على مرّ الزمن فيما يتعلق بإنتاج الغذاء. فبينما تُركز وجهات النظر العالمية السائدة بشأن الأمن الغذائي غالبًا على الابتكار التكنولوجي ، يقترح معرض “على نار هادئة” بديلاً يشدد على المشاركة وخلق مسؤولية مشتركة للمجتمعات المحلية.”
يقدم “على نارٍ هادئة” دليلاً عملياً عبر عرض سلسلة من التركيبات المعمارية للبيوت المحمية الزراعية التجريبية، مُبيّناً كيف يُمكن للعمارة دعم أنظمة غذائية مرنة مع تحسين هذه الأفكار ودمجها في بيئاتنا العمرانية. ويُلقي المعرض الضوء على مشهد إنتاج الغذاء في دولة الإمارات العربية المتحدة في سياق عالمي، مستكشفًا حلول التصميم المحلية التي وُضعت في ظل ظروف ندرة الغذاء على مر السنين، بدءًا من الحلول المحلية التقليدية وصولًا إلى الحلول التكنولوجية المتطورة.
يتخذ معرض “على نارٍ هادئة” من دولة الإمارات العربية المتحدة حالة دراسية، ليطرح تساؤلاً هامًا: كيف يمكن للعمارة أن تساهم بفعالية في تعزيز الأمن الغذائي؟ ففي حين أن دور التصميم المعماري في دعم هذه الأجندة الوطنية لا يزال قيد الاستكشاف، يسعى المعرض إلى تحديد ومعالجة تحديات إنتاج الغذاء من منظور معماري، بهدف دعم جهود الإمارات نحو تحقيق أهدافها في هذا المجال الحيوي.
ويدعم هذا المشروع المبتكر رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة الطموحة لإنتاج 50% من غذائها محليًا بحلول عام 2051، وتهدف الأبحاث التي يقوم عليها المعرض إلى المساهمة الفعالة في التنمية الوطنية لضمان الإنتاج الغذائي المستدام وتعزيز الزراعة المحلية.
ينطلق معرض “على نار هادئة” في بينالي البندقية، الذي يقدم حلولًا معمارية لإنتاج الغذاء في البيئات الصحراوية (10 مايو – 23 نوفمبر)، ويستفيد من منصة دولية تستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم، لتسليط المزيد من الضوء على ابداعات أبناء وبنات الإمارات، حيث يُعتبر الحدث ملتقى للفنانين والمعماريين والنقاد والمهتمين بالفنون والعمارة من جميع أنحاء العالم. وتوفر المشاركة في البينالي فرصة لتبادل الأفكار والخبرات، والتعرف على أحدث الاتجاهات في الفنون والعمارة.
في هذا اليوم العالمي للإبداع والابتكار، يمثل معرض “على نارٍ هادئة” مثالًا ملهمًا لكيفية التقاء الفكر الخلاق والحلول المبتكرة لمواجهة التحديات الملحة، مؤكدًا على أهمية استلهام الماضي وتوظيف الحاضر لبناء مستقبل أكثر أمانًا واستدامة. وكما تُعرّف منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الأمن الغذائي بأنه “تمتع جميع الناس، في جميع الأوقات، بإمكانية الوصول المادي والاقتصادي إلى غذاء كافٍ وآمن ومغذٍّ يلبي احتياجاتهم الغذائية ويلبي أذواقهم الغذائية لحياة نشطة وصحية”، ومن هذا المنطلق، يقدم “على نارٍ هادئة” مساهمة قيمة نحو تحقيق هذا الهدف باستخدام العمارة والإبداع الإماراتي.
يسعى الجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية إلى إبراز القصص الفنية والمعمارية الإماراتية غير المروية، وذلك عبر المشاركة في معارض بينالي البندقية الدولية. وإلى جانب المعارض، فإن الجناح الوطني مؤسسة مستقلة غير ربحية، وتتولى مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان مهام المفوض الرسمي بدعم من وزارة الثقافة.