مقالات وشعر

شَعرة معاوية

بقلم: د. فهد آل دهيس

متجاوزين شرح الأسباب، نجد أن كثيرًا من الأفراد، في معظم شؤون حياتهم، ينحازون إلى المنطقة الرمادية، متأرجحين بين رغبة في البيضاء وخشية من السوداء… مضطرين إلى زيادة مرونة “شَعرة معاوية”.
فالكثير أصبح أسيرًا لهذه الشعرة؛ فما بين الرغبة والخشية تكمن أهمية ثقافة التخطيط والتنظيم، وهي ثقافة نادرة.

ويزيد من ضعف هذه الثقافة بعض الموروثات الشعبية، فنجد أمثلة بليدة مثل: “طُقها والحقها”، “لو تجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش”، “إن جاء مطر وإلا ما هنا ظمأ”، وغيرها الكثير.

فمن يعتمد على هذه الأمثلة يتجرد من مسؤوليته، ويُخدّر ضميره برداءة حظه وقلة بركته، ويطمئن نفسه بـ”النصيب”، وكأنه بريء من كل ما هو فيه… فيتقمص دور الضحية دائمًا عند كل إخفاق، فيلعن هذا ويشكو ذاك… يا لهذا الحُمق الفائض المُستفيض!

قال تعالى: “من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلامٍ للعبيد” (فصلت: 46).

بعض التأمل والمراجعة حق، والحق أحق أن يُتّبع متى تبيّن.

الإنسان مخلوق مُكرَّم، ومُفضَّل على كثيرٍ من خلقه، بل أضاف سبحانه وتعالى إلى هذا التكريم أن سخّر له ما في السماوات وما في الأرض ليستفيد منه كيفما شاء:
“وسخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعًا” (الجاثية: 13).

وخلق سبحانه وتعالى كل الأشياء بقدر، وجعل الوصول إليها خاضعًا لقوانين وسنن كونية ثابتة وعادلة للجميع:
“ولن تجد لسنة الله تبديلاً” (فاطر: 43)،
“ولن تجد لسنة الله تحويلاً” (الإسراء: 77).

وجعل له المشيئة والإرادة فيما يشاء:
“وما تشاؤون إلا أن يشاء الله” (الإنسان: 30).

كما جعل مسار حياته خيارًا بيده: “ولكلٍّ وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات” (البقرة: 148)، هو المسؤول عن مسار حياته.
ويدعونا سبحانه وتعالى إلى العمل الصالح: “فاستبقوا الخيرات” (البقرة: 148).

وكل ما تصل إليه، يكون بقدر سعيك، كمًّا وكيفًا: “ليس للإنسان إلا ما سعى” (النجم: 39) ، “ولكلٍّ درجات مما عملوا” (الأنعام: 132).

وعطاء الله سبحانه وتعالى كريم وشامل: “نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك، وما كان عطاء ربك محظورًا” (الإسراء: 20).

إذن، كل ما تريد أن تصل إليه متوفر بسخاء من المولى العزيز،
والأسباب واضحة وعادلة للجميع: “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” (الكهف: 29).

حسِّن أفكارك… تتحسن خياراتك… تتحسن حياتك… (عِش حياتك كيفما تشاء).
اقفز من اللون الرمادي، وتربّع بثقة في المربع الأبيض، ودع زمن ومكان “شَعرة معاوية” لمعاوية.

دمتم جميعًا مُنعَّمين بالصحة والسلامة والخير الكثير.

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى