مقالات وشعر

عين القانون تراعي المسافر الصغير

بقلم أ. المحامية جوهرة سالم المسعدي
في خضم التحولات الأسرية يبرز سؤال محوري ؟من يملك حق اتخاذ القرار في سفر المحضون ؟ وما هي الضوابط والإجراءات التي تحكم حركة سفر الأبناء المحضونين؟
لقد أولت حكومتنا الرشيدة اهتماما بالغا بتنظيم و بتوجهات مهمة بتعاون مع المنظومة العدلية والجهات الحكومية في الآليات التوازن بين حق الحاضن في رعاية المحضون وحق المحضون أثناء التنقل والسفر لأنهم هم الأجيال القادمة، و الاستثمار في المستقبل، لذلك حرصت على حماية حقوق المحضون في السفر.
حيث يضع نظام الأحوال الشخصية السعودي مصلحة المحضون في صدارة اهتماماته عند تناول قضايا الحضانة. ، وفهم الإجراءات الحاضن والالتزام بها يسهم في تجاوز الخلافات وتأمين مستقبل أفضل للأبناء في ظل ظروف الانفصال ، و يأتي في مقدمتها تنظيم شؤون الأبناء المحضونين.

وانطلاقًا من هذا المبدأ، ينظم مسألة السفر بالمحضون بضوابط تهدف إلى استقرار حياته ويمنح النظام للحاضن حق السفر – والذي غالبًا ما يكون الأم في المراحل الأولى للحضانة – لها الحق في السفر بالمحضون داخل المملكة العربية السعودية دون الحاجة إلى موافقة الطرف الآخر، ما لم يوجد قرار قضائي يقضي بخلاف ذلك. هذا الحق يأتي كنتيجة طبيعية لدور الحاضن في الرعاية اليومية وتلبية احتياجات المحضون.
وقد ركز النظام في مسألة سفر المحضون وحقوق الأبوين. فهو يمنح الحاضن بعض التسهيلات في السفر الداخلي والخارجي ضمن ضوابط محددة، مع التأكيد على ضرورة مشاركة الوالدين في القرارات المتعلقة بالسفر الطويل الأمد أو الاستقرار خارج المملكة.

هذه التنظيمات القانونية تهدف في مجملها إلى توفير بيئة مستقرة وآمنة للمحضون، حيث يبرز موضوع السفر مع المحضون كمسألة ذات أهمية خاصة، تستدعي توضيحًا قانونيًا يراعي مصلحة الطفل أولًا والقيام على شؤن المحضون ، ويحفظ حقوق الأطراف المعنية.
حيث وضح النظام سفر المحضون خارج المملكة العربية السعودية، و يخضع لضوابط أكثر تفصيلًا. يفرق النظام بين سفر الأم الحاضنة وسفر غيرها من الحاضنين.

حيث يحق للأم الحاضنة السفر بالمحضون خارج المملكة لمدة لا تزيد عن تسعين يومًا في السنة. هذا التحديد الزمني يهدف إلى تمكين الأم من اصطحاب أطفالها في سفرياتها القصيرة المؤقتة سواء للترفيه أو العلاج أو غيرها من الأغراض المشروعة، مع الحفاظ على حق الطرف الآخر في التواصل مع المحضون وعدم انقطاعه لفترات طويلة.

ويضع أيضا النظام قيودًا أكثر صرامة على سفر الحاضنين من غير الوالدين، كالأجداد أو الأقارب الآخرين. فلا يجوز لهؤلاء السفر بالمحضون خارج المملكة لمدة تزيد على ثلاثين يومًا في السنة إلا بموافقة الوالدين أو أحدهما في حال وفاة الآخر، بالإضافة إلى موافقة الولي على النفس في حال وفاتهما. هذا التقييد يعكس حرص النظام على بقاء المحضون قريبًا من والديه أو أقاربه المقربين قدر الإمكان، وتعزيز الروابط الأسرية الأساسية.
ومن هذا المنطلق سعت المنظومة العدلية بتعاون مع الجهات الحومية على توفير الضمانات القانونية التي تكفل حق المحضون في السفر بشكل يحفظ مصلحته ويضمن سلامته في توفير بيئة قانونية تحفظ حقوق الطفل المحضون في كافة جوانب حياته، بما في ذلك حقه في السفر.

وهناك إجراءات متعلقة بسفر المحضون مع الحاضن حيث يحق لها إصدار وتجديد جواز سفر المحضون، وكذلك إصدار تصريح سفر إلكتروني له عبر منصة “أبشر”. هذه الصلاحيات تسهل عليها حركة السفر ضمن الإطار القانوني المحدد، وتغنيها عن الحاجة إلى موافقة الطرف الآخر في كل سفرة لا تتجاوز المدة المسموح بها نظامًا.
وختاما نشير إلي الجهود وتوجهات الهامة والرائدة التي التى خطتها المملكة العربية السعودية مع المنظومة العدلية والجهات الحكومية في مجال حقوق المحضون وتنظيم سفر المحضون مع حاضنه تعكس التزامها الراسخ بحماية الطفولة وتوفير البيئة المناسبة لنمو الأطفال في كنف أسرهم حتى في أصعب الظروف.

وقد أثمرت هذه الجهود عن نظام قانوني يكفل الحقوق ويضع مصلحة المحضون فوق كل اعتبار ، وتعزيز العلاقة الإيجابية بينه وبين حاضنه.”وان يكون وسيلة هذا السفر دائمًا في إطار مصلحة الطفل وبناء جيل واعد ومستقر لي النمو وليس سببًا للنزاع أو الإضرار بمصلحة الطفل.”

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى