محليات

في حضرة الكتاب… تُبنى الأمم

 

لمياء المرشد. الرياض

في كل عام، وتحديدًا في 23 أبريل، يحيي العالم اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، احتفاءً بالكلمة وتقديرًا لأصحاب القلم والفكر. ورغم أهمية هذا اليوم، تبقى القراءة أكبر من مجرد مناسبة، إنها ثقافة مستمرة، وأداة حضارية لا غنى عنها لبناء العقول وتطور المجتمعات.

القراءة ليست نشاطًا موسميًا نمارسه في لحظة احتفال، بل هي نمط حياة، وفعل يومي يتشكل في تفاصيلنا، بدءًا من الطفولة وحتى مراحل النضج الفكري. الدول التي نهضت لم تفعل ذلك بخطط اقتصادية فقط، بل بغرس قيمة الكتاب في الفرد، وتعليم الأجيال أن الحرف بداية التغيير.

صناعة الكاتب تبدأ من هناك، من ركن صغير في مكتبة، وكتاب واحد قادر على إشعال شرارة الفكر. لا يمكن أن نخلق كاتبًا ما لم نصنع قارئًا أولًا، قارئًا لا يكتفي بسطور خفيفة أو عناوين لامعة، بل يغوص في أعماق النصوص، ويقرأ للكبار لا من باب التعالي بل من باب التعلم. من يقرأ لطه حسين، ونجيب محفوظ، والرافعي، لا يخرج من القراءة كما دخل، بل يعود وفي يده قلم، وفي عقله مشروع.

اليوم، ومع زخم التحول الرقمي، تراجعت علاقة البعض بالكتاب الورقي، لكن جوهر القراءة لم ولن يتغير. فهي تظل فعلًا من أفعال النهوض بالذات، وبابًا من أبواب التحرر من الجهل والتبعية الفكرية. نحن لا نقرأ لنملأ وقت الفراغ، بل لنملأ الفراغ الذي قد تتركه الأفكار المعلبة والمستهلكة.

الاحتفاء الحقيقي بالقراءة لا يُقاس بعدد الكلمات التي نكتبها عنها، بل بعدد القراء الجدد الذين نصنعهم من خلالها. لذلك، لا بد أن نجعل من كل يوم مناسبة، ومن كل بيت مكتبة، ومن كل طفل مشروع كاتب، لأن المستقبل لا يُصنع إلا على أيدي من يقرأ، ويكتب، ويفكر.

 

سلمى حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى