مقالات وشعر

لسانك لا تذكر به عورة امرئ

بقلم : عبدالله الحكمي

في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة يسمونها (طقطقة) ، هذه الظاهرة كثرت في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وفي المجالس، واصبح أمرها عادي عند الكثير ، والكل يمكنه أن يسخر ويستهزئ ويلمز وبصف الآخرين بألقاب كيفما شاء ومتى ما شاء، وهم يضحكون ( وكان عليهم ان يبكوا لعظم الذنب).
وهذا الفعل لا يجوز وهو محرم شرعاً ، وهذا الذي يسمونه “طقطقة” اجتمع فيه كل النهي الذي جاء عن رب العزة والجلال في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الحجرات (11).

نعم هذه الطقطقة هي سخرية واستهزاء وتنابز بالألقاب، متداولة بين الناس، واكثر من يتداولها هم الجماهير الرياضية وايضا اخرين غيرهم منهم ايضا النساء فيما بينهن، ومنتشرة بشكل كبير ، ومع الاسف لا نجد من يوجههم آو يبرئ ذمته ويقول لهم هذا امر حرمه الله عز وجل عليكم .

ابن كثير في تفسيره قال: الهمّاز اللّمّاز مذموم ملعون. ومعلوم ان اللعن هو الطرد من رحمة الله.
فهل علم من يسخر ويستهزئ بالآخرين ويذكرهم بألقاب يكرهونها أن ما يقوم به هو أمر موجب للإثم والذنب العظيم إذا لم يتب ؟،
نسمع ونقرا ونشاهد مواعظ كثيرة من البعض في أمور سهلة وميسرة ولكن لا يتم الاهتمام بالتوازي بالأمور العظيمة الاخرى التي نهى الشرع عنها مثل الاستهزاء والتنابز بالألقاب والسخرية ؟.
كثير من عامة الناس ربما لا يعلم أنه محاسب على مثل هذه الأقوال ويقول ما هي إلا ( طقطقة “اسم السخرية المخفف” أو مزح )، وكأنه لا يعلم أنه استهزاء وسخرية ! ويظن أنه حتى لو ذكر أن فلانا قصير أو اعرج أو ضرير أو حتى نادى جماعة أو شخص بلقب لا يحبه مثل نبز الجماهير لبعضهم أو أندية أخرى بالقاب وتنابزوا بها أو امراة تقول عن اخرى صفات تكرهها او اسم تكرهه، او حتى معايبة الآخرين بذنوب ارتكبوها أو أخطاء حصلت منهم، يظنون أن ذلك أمر عادي، وهو أمر عظيم عند الله..
“وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم”.
الأمر ليس سهلا ولا هينا بل هو آثام وذنوب ترتكب نهى الله عنها ورسوله .. الآية الكريمة فيها عمومية نهي عن أن يسخر اي انسان بآخر لجميع معاني السخرية، فلا يحل لإنسان ان يسخر أو يستهزئ من آخر لا لخلقته ولا طوله ولا قصره ولا أموره الخاصة ولا كبواته ولا حتى ذنوبه التي ارتكبها ولا فقره، ولا ينبز شخص ولا جماعة بلقب يكرهونه لا أندية ولا جماهير ، ولا جماعة ولا أفراد ، ولا غير ذلك من الأمور .
روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره التقوى هاهنا “ويشير إلى صدره ثلاث مرات” ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: سباب المسلم فسوف وقتاله كفر .
اتمنى كل من أراد ان يحتقر الآخرين أو بستنقص منهم وإذا اراد مناداتهم بألقاب غير لائقة ويكرهونها أو الضحك والاستهزاء بالناس لأشكالهم وخلقتهم – ذنوبهم – إخفاقاتهم،او نساء لاخطائهن – ذنوبهن – خلقتهن، كل من فكر في ذلك ووجد نفسه تناديه إلى هذه الأفعال والأقوال الخطيرة عليه أن يتذكر ويعود الى الكتاب والسنة وسيجد فيهما الوعيد الشديد لكل من يفعل ذلك .. وربما تكون رادعا له .
مع الأسف الذي حاصل الآن هو الاستهانة بالنهي الذي جاء في كتاب الله عزوجل، وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، الإستهانة بالناس واحتقار بعضهم بعضا والاستهزاء والسخرية من بعضهم بعض والتنابز بالألقاب بشكل واسع عند كثير من الناس، في فرحهم وحزنهم وفي أفراح الاخرين وأحزانهم في فوز الأندية وعند خسارتها، في الأفراح والمناسبات والمجالس رجال ونساء .

علينا أن نكون بعيدين كل البعد عن هذه الأفعال والأقوال التي تؤدي الى الإثم والذنوب ومن ثم الى العذاب ، رغم سهولة الأمر.
حتى خصمك لابد أن تكون فارس شهم كريم وتعطيه حقه من المديح والإشادة بدلاً من احتقاره والتقليل من شأنه وغمط حقوقه،
ومن دعته نفسه إلى همز الناس ولمزهم بما يكرهون أو نبزهم بألقاب وصفات سيئة، والتنقيص منهم فليتذكر قول الله عز وجل : ويل لكل همزة لمزة، 1 الهمزة… “وويل هو واد في جهنم” نعوذ بالله من النار .
وهذه الآية وما سبقها تكفي ان لا نعود لذم أحد ولا نلمز ولا نسخر ولا نستهزئ باحد، كائنا من كان، ولا نصف أحد باي لقب قبيح او لا يحبه، ولا ننادي إنسان بغير ما سمي به .
كلاً محاسب عما تنطقه لسانه ( إنما يكب الناس على مناخرهم في النار الا حصائد السنتهم ).

قال المفسرون: إن من فعل ما نهي عنه من السخرية واللمز والنبز فهو فاسق ، وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ، فلا تفعلوا ذلك فتستحقوا اسم الفسوق ( ومن لم يتب ) من ذلك ( فأولئك هم الظالمون ) .

وللامام الشافعي رحمه الله:

لسانك لا تذكر به عورة امرئ…
فكلك عورات وللناس ألسن.
وعيناك إن أبدت إليك معايبا…
فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى…
ودافع ولكن بالتى هى أحسن.

إعلامي، وكاتب ..
عضو هيئة الصحفيين السعوديين.
عضو الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع.
مشرف في صحف الكترونية، ومحرر فيها.
حاصل على وسام الثقافة العربي.
مرصد الاعلام الدولي.
اتحاد النخبة للثقافة والفنون والسلام.

شعبان توكل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى