سياحة وسفر

من الربع الخالي إلى أتاكاما… ومن جبل القارة إلى كابادوكيا

ليلى يوسف الصالح

هل سبق أن وقفت في مكان أحببته، ووجدت نفسك تتساءل: هل هناك مكان آخر في هذا العالم يشبهه؟ هل يمكن أن تكون هناك “نسخة” مخفية لمشهد ساحر أو تكوين طبيعي أو حتى معلم تاريخي يذكرك بتلك اللحظة التي عشْتها؟
للرحالة الحقيقيين، لا يكفي مجرد زيارة المواقع المشهورة، بل يبحثون دائمًا عن تجربة أعمق، عن اتصال يجعل الرحلة أكثر خصوصية وروحانية.
هناك متعة لا توصف في اكتشاف “توأم” الأماكن التي تحمل معاني خاصة في قلبك، تجربة تشبه الذكرى لكنها تختلف بتفاصيل جديدة تثير الفضول وتغذي شغف الرحلة.

في هذا المقال، سنأخذك في جولة بين أماكن حول العالم تشترك في سمات فريدة، تجعلك تشعر وكأنك تخطو من عالم إلى آخر، من قصة إلى قصة، عبر أرجاء الأرض. رحلة تأملية لعشاق الاستكشاف الذين يطمحون لاكتشاف المزيد، ولمن يرغبون في توسعة خريطتهم بأماكن تستحق أن تُزار وتُعاش.

“السفر لا يعني فقط الوصول إلى وجهة، بل هو رحلة لاكتشاف الروح في كل زاوية من زوايا العالم.”

جبل القارة (السعودية) × كابادوكيا (تركيا)

في واحدة من أكثر المقارنات واقعية وإنصافًا، أشار د. عبدالعزيز بن لعبون، رئيس مجلس إدارة الجيولوجيين السعوديين، إلى التشابه بين جبل القارة وكابادوكيا.
جبل القارة يمتد بطول 600 متر ويحتوي أكثر من 60 كهفًا طبيعيًا، يتميز ببرودته حتى في ذروة الصيف، ويُعد من أهم المعالم السياحية في الأحساء.
أما كابادوكيا، فتمتد على مساحة 5,000 كم²، وتضم “مداخن الجنيات” وكهوفًا سكنية قديمة، ويزورها أكثر من 3 ملايين سائح سنويًا.

مدائن صالح (السعودية) × البتراء (الأردن)

كلاهما من أعظم إنجازات العمارة النبطية.
• مدائن صالح: تضم أكثر من 131 قبرًا محفورًا في الصخور، وسُجلت في قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2008.
• البتراء: تضم حوالي 800 قبر ومنشأة معمارية، وتُعد من عجائب الدنيا السبع الحديثة، ويزورها أكثر من مليون سائح سنويًا.

الزائر يجد في كلتا المدينتين الصخرية عبقرية النحت في الجبال، وتفاصيل دقيقة تعكس حضارة امتدت قرونًا.

الربع الخالي (السعودية) × صحراء أتاكاما (تشيلي)

التشابه هنا ليس فقط في الشكل، بل في المناخ القاسي والنُدرة المطلقة:
• الربع الخالي: بمساحة 650,000 كم²، يُعد أكبر صحراء رملية متصلة في العالم. تقل فيه الأمطار عن 50 مم سنويًا، وقد تصل درجات الحرارة إلى 56 °C.
• أتاكاما: مساحة 105,000 كم²، تُعد أكثر صحراء جفافًا على وجه الأرض، وبعض مناطقها لم تتلق أي هطول مسجل لمئات السنين.

كلاهما مثالي للرصد الفلكي بسبب السماء الصافية وغياب التلوث الضوئي، ويعدان مقصدًا لعلماء الجيولوجيا ووكالات الفضاء.

أهرامات الجيزة (مصر) × أهرامات تيوتيهواكان (المكسيك)

رغم أن الحضارتين لم تلتقِا، إلا أن الشكل الهرمي كان حاضرًا في كلا الجانبين:
• الجيزة: يبرز فيها هرم خوفو بارتفاع 146 مترًا، رمزًا للحضارة المصرية القديمة.
• تيوتيهواكان: تضم هرم الشمس بارتفاع 65 مترًا، أحد مراكز الطقوس في حضارات الأزتك والمايا.

العمارة الهرمية ترمز لقوة روحية وثقافية، واستخدام الحجر بنسب رياضية دقيقة يعكس فهمًا عميقًا للكون في كلا الحضارتين.

المتحف البريطاني × متحف اللوفر

تلاقي الثقافات لا يتجلى فقط في الطبيعة، بل حتى داخل أروقة المتاحف:
• المتحف البريطاني (لندن): تأسس 1753، يضم أكثر من 8 ملايين قطعة، من الحضارة الفرعونية إلى الصينية، ويزور حوالي 6 ملايين شخص سنويًا.
• متحف اللوفر (باريس): تأسس 1793، يضم أكثر من 380,000 عمل فني، من ضمنها لوحة الموناليزا، ويجذب قرابة 9 ملايين زائر سنويًا.

كلا المتحفين يعكسان كيف يمكن لموقع واحد أن يكون نافذة مفتوحة على العالم بأكمله.

من الأحساء إلى كابادوكيا، ومن أتاكاما إلى العلا، تتكرر الروائع وتتشابه، لا لتقلل من قيمة أحدها، بل لتؤكد أن الجمال يُعاد بصيغ متعددة. هذه المقارنات لا تحصرنا في “الأفضل”، بل تدفعنا لنكتشف، نقارن، ونسأل: كم من عجائب ما زلنا نجهلها في زوايا العالم؟

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى