مقالات وشعر

الفشل… سجن التردد الذي يقف بيننا وبين أحلامنا.

بقلم :  منى البصيري

في رحلة الحياة، يرسم كل منا في مخيلته لوحةً لأحلامه وطموحاته، البعض يخطو بثبات نحو هذه اللوحة، يضيف إليها لونًا بعد لون، حتى تتحول إلى حقيقة نابضة بالحياة. وآخرون، للأسف، يقفون أمامها متأملين، يرسمون ثم يمحون، يترددون، حتى تبهت الألوان وتتلاشى الأحلام في طي النسيان. إنهم “الفاشلون”، ليس بالضرورة لأنهم لا يمتلكون القدرة أو الموهبة، بل لأنهم وقعوا فريسة لأخطر عدو للأحلام: التردد.
التردد ليس مجرد صفة عابرة، بل هو سجن نفسي له قضبانه من الشك والخوف والتسويف. عندما يتسلل التردد إلى عقولنا، فإنه يبدأ في زرع بذور الشك في قدراتنا. “هل أنا مؤهل بما فيه الكفاية؟” “ماذا لو فشلت؟” “ماذا سيقول الناس عني؟” هذه الأسئلة الوهمية تتحول إلى جدران سميكة تحاصر الطموح وتخنق الإبداع.
يضاف إلى ذلك، الخوف من المجهول. الأحلام بطبيعتها تتطلب الخروج من منطقة الراحة، الدخول إلى عوالم جديدة، مواجهة تحديات غير مألوفة. هذه القفزة الإيمانية هي ما يهابها المتردد. يفضل البقاء في مكانه، حتى لو كان غير سعيد، على المخاطرة والسعي نحو ما قد يجلب له السعادة الحقيقية. الخوف من الفشل يصبح أقوى من الرغبة في النجاح.
ثم يأتي التسويف، رفيق التردد اللصيق. “سأبدأ غداً”، “ليس هذا هو الوقت المناسب”، “أحتاج لمزيد من التخطيط”. هذه العبارات هي مجرد أقنعة لتأجيل البدء، وللهرب من مواجهة الواقع الذي يتطلب عملاً وجهداً ومخاطرة. يتوهم المتردد أنه بالتسويف سيجد اللحظة المثالية، بينما الحقيقة هي أن اللحظة المثالية لا تأتي إلا لمن يصنعها.
ولكن، ما الذي يميز الناجحين عن الفاشلين في هذه المعادلة؟ إنهم ليسوا بالضرورة أكثر ذكاءً أو موهبة، بل هم ببساطة أكثر جرأة على اتخاذ القرار والبدء. يدركون أن الفشل جزء طبيعي من عملية التعلم والنمو، وأنه ليس نهاية المطاف، بل هو فرصة لتصحيح المسار وإعادة المحاولة. يتحدون التردد بالعمل، والخوف بالإقدام، والتسويف بالبدء فوراً.
إن تحقيق الأحلام ليس رحلة سلسة خالية من العقبات. بل هي مسيرة مليئة بالتحديات التي تختبر إرادتنا وعزيمتنا. ولن يقطع هذه المسافة إلا من يتخلص من قيود التردد ويؤمن بقدرته على الوصول.
لذا، إذا كنت تجد نفسك أسير التردد، فتذكر أن أحلامك تستحق أن تقاتل من أجلها. ارمِ قيود الشك، واكسر جدران الخوف، وتوقف عن التسويف. ابدأ الآن، بخطوة صغيرة، ثم خطوة أخرى. تذكر أن الرحلة الطويلة تبدأ بخطوة واحدة، وأن النجاح لا يأتي إلا لمن يجرؤ على  التردد. فالمستقبل لا ينتظر المترددين، والأحلام لا تتحقق إلا بجرأة الإقدام.

مريم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى