
بقلم / د. وسيلة محمود الحلبي
سفيرة الإعلام العربي
الأطفال عوالم من الفضول اللامحدود، وعقولهم الصغيرة تفيض بالأسئلة التي قد تفاجئنا أحياناً، وتحرجنا أحياناً أخرى. فبين “من أين جئت؟”، و”لماذا يموت الناس؟”، و”لماذا لا أملك ما يملكه صديقي؟” تتوالى تلك الأسئلة الحرجة التي تضع الكبار في مواقف تتطلب الحكمة والحنكة. إن تجاهل هذه الأسئلة أو الإجابة الخاطئة عليها قد يزرع في الطفل الحيرة أو الخوف أو يخلق لديه مفاهيم مشوشة عن الحياة.
لماذا يسأل الأطفال هذه الأسئلة؟
إن الفضول الفطري لدى الأطفال وبطبيعتهم محبون للاستكشاف ويريدون فهم كل ما يحيط بهم.
أحيانا يبحثون عن الأمان من خلال الأسئلة حيث يعتبرونها وسيلة للتأكد من وجود من يشرح لهم ويطمئنهم.
ومن الممكن تقليد الكبار حيث يطرحون أسئلة سمعوها من محيطهم دون إدراك أبعادها.
وبعض الأطفال يسألون لمعرفة ردود أفعال الكبار.
وسأورد في مقالي بعض الأمثلة على الأسئلة الحرجة منها:
من أين أتيت؟
لماذا مات جدي؟ أين ذهب؟
لماذا صديقي لديه أب وأنا لا؟
لماذا فلان فقير ونحن أغنياء؟
كيف يولد الطفل؟
ولكن كيف يجب عل الوالدين التعامل مع أسئلة أطفالهم الحرجة. عليهم الاستماع الجيد وعدم تجاهل السؤال ، وحتى لو كان السؤال محرجاً أو صادماً، حافظ على هدوئك، واظهر الاهتمام بسؤال الطفل. واعلم ان تجاهل الطفل أو تعنيفه قد يجعله يبحث عن إجابة من مصادر غير مناسبة.
ولابد من فهم خلفية السؤال، فأحياناً لا يكون السؤال كما يبدو، فقد يسأل الطفل “لماذا يموت الناس؟” وهو قلق بشأن نفسه أو شخص يحبه
فعلى الوالدين أو أحدهم ان يسألوه “بماذا تفكر؟” أو “لماذا سألت هذا السؤال؟” لتفهم نيته الحقيقية.
وهناك لا بد ان تجيب بصدق، ولكن بما يناسب عمر الطفل.
ولا تقدم كل التفاصيل، بل قدّم إجابة مبسطة وصحيحة. على سبيل المثال:
إذا سأل الطفل: “كيف يأتي الأطفال؟”
يمكن أن تقول: “الله يخلق الأطفال في بطن أمهم، وعندما يكبرون يخرجون للعالم.”
ثم مع تقدمه بالعمر يمكن التوضيح بشكل أعمق حسب فهمه.
ولا بد من استخدم القصص والتشبيهات لأن القصص أداة رائعة لتبسيط الأمور، فاستخدام حكاية قصيرة أو مثال بسيط يساعد الطفل على فهم الإجابة بشكل مريح.
كما لا بد ان تجيب بثقة وتوازن
وإذا شعر الطفل بتوترك أو حرجك، قد يتردد في سؤالك مستقبلاً. لذلك يجب أن تكون إجاباتك، واثقة، ومليئة بالحب والتقبل.
وعلى الوالدين توجيه الأسئلة المفتوحة للطفل
فمثلا بعد الإجابة، اسأله: “هل هذا يجيب على سؤالك؟” أو “هل تحب أن تعرف أكثر؟” وذلك لتبني جسراً من الثقة والتواصل المستمر.
كذلك قم بتعزيز القيم أثناء الإجابة
فإذا سأل الطفل: “لماذا بعض الأطفال فقراء؟”
يمكنك أن تقول: “هذا يحدث أحياناً، وعلينا أن نساعدهم ونحبهم لأن الله يحب من يساعد الآخرين.”
وتذكر ان كلمة “لا أعرف الآن، لكن سأبحث وأخبرك لاحقاً.” جيدة وتعلم الطفل أهمية البحث والتأكد من المعلومة.
فأسئلة الأطفال الحرجة هي فرصة ذهبية للتربية والتوجيه وليست فخاً للإحراج.
إذا أجبنا عنها بحكمة، سنبني معهم علاقة قوية قائمة على الثقة والانفتاح
ولنتذكر أن الطفل الذي لا يجد إجابة عند والديه سيبحث عنها عند غيرهم، وربما يحصل على إجابات مغلوطة أو ضارة.
فلتكن صدورنا رحبة، وقلوبنا مستعدة، وعقولنا منفتحة لتلك العقول الصغيرة التي تبني مستقبلها بسؤالها اليوم.